للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وقد حكي عن بعض أهل الإثبات أنه قال: إن متوسط زرع غيره، والجالس على موضع نفسه قد كُلف الخروج من غير إفساد له، والقيام عنه من غير إيلامٍ له، وإن لم يكن ذلك في وسعه وإمكانه، ويجب للقائل بهذا إن صحت الحكاية عنه أن يكون ممن يجيز تكليف المحال في حكمة الله عز وجل، وأن يقول إن الشرع قد ورد به، لأنه إذا كان محال وقوع ذلك غير مؤلم ولا مفسد فقد كلف إيقاعه كذلك. وقد كلف المحال وصح جواز هذا التكليف ووجوده/ ص ٣٠٦.

فصل: واعلموا - وفقكم الله - أن حقيقة القول في هذا الباب أن فساد الزرع عند المشي فيه والخروج عنه وألم من نهض عن صدره ومواضع نفسه ليس بظلم على الحقيقة لا من الله سبحانه ولا من العبد، ولا قبيح منه تعالى ولا من العبد، ولا عصيان منه، لأن ما يحدث من تقصف الزرع وفساده عند المشي فيه، ومن ألم الحي عند القيام من صدره والاعتماد عليه، ليس من فعل العبد. وإنما ذلك من فعله عز وجل عند حركات العبد وتصرفه بفعل يفعله تعالى عند ذلك بجري العادة. كما يفعل الموت عند قطع الرأس، وصلابة الدبس وبياضه عند تقريبه إلى النار وشوطه. وكما يفعل ورم جسم الحي وحمرته عند ضربه. وقد دللنا على ذلك في الكلام في أصول الديانات بما يغني عن إعادته.

وإذا كان ذلك كذلك وكان الدليل قد دل على أن الله سبحانه وتعالى عادل حكيم في جميع ما يفعله استحال كون الألم والفساد قبيحًا من فعله وظلمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>