للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحال - أيضًا - كونه قبيحًا وظلمًا من العبد، لأنه ليس من فعل العبد ومقدوراته فيكون حسنًا أو قبيحًا منه.

وإذا كان ذلك كذلك لم يجز أن يقال: إن الله سبحانه قد كلف العبد الخروج عن زرع المظلوم والقيام عن صدره من غير أن يكون ذلك مفسدًا ولا مؤلمًا، وإنما يقبح من العبد تصرفه في نفسه، وما يكسبه في محل قدرته إذا كان مصادفًا للنهي عنه بجريان العادة بفعله الألم والفساد عند وجوده، على ما قد شرح في غير هذا الموضع.

فإن قال قائل من القدرية: ما أنكرتم أن يكون العبد مطيعًا غير عاصٍ بخروجه من الزرع، وقيامه عن صدر الغير المباشر المفعول في نفسه، لأجل أنه مأمور بذلك، ومحال كونه عاصيًا بفعل ما يؤمر به، وإنما هو عاصٍ بنفس فساد الزرع، وحدوث الألم المتولد عن فعليه المباشرين، فيكون ما هو طائع فيه غير المتولد الذي هو عاصٍ بهما.

يقال له: هذا نهاية الحال وأكد لما يذهب إليه أصحابنا في جواز تكليف ما لا يطاق لأجل أنه إذا أوجب عليه فعل السبب المولد وحرم تسببه فقد ألزم تكليف المحال، وإن لم يكن ذلك/ ص ٣٠٧ في طوقه ووسعه. وهذا باطل على أصولهم.

ويقال لهم - أيضًا - وكيف يقبح ويحرم المسبب بعد وجود سببه المولد له من الطاعة المأمور بها عصيان قبيح، وإن جاز هذا فلم لا يجوز أن يتولد من كل طاعة عصيانًا؟ ولم لا يجوز أن يتولد من العصيان الحرام طاعة حسن؟ وكيف

<<  <  ج: ص:  >  >>