الشرع عليه من براءة الذمة به، أو وجوب فعل مثله. وإنما ذكرنا هذا لسماعنا كثيرًا ممن خالف في هذا الباب يحي أنه عندنا يدل على صحة المأمور وإجزائه، وهذا خطأ عظيم.
الأدلة على فساد قول من قال إنه يقتضي الفساد لغة
ومما يدل على أنه ليس معنى النهي عن الشيء وفائدة وصفه بذلك إيجابه فساد المنهي عنه وكونه غير مجزئ إنه لو كان ذلك كذلك لوجب لا محالة أن يكون/ ص ٣٠٨ معنى وصف الأمر بالشيء وفائدة وصفه بذلك إنه مقتضٍ لصحة المأمور به، ودال على إجزائه وسقوط قضائه، ولما لم يكن ذلك كذلك لما بيناه من فصول القول في الأوامر. وكان مثل المأمور به واجبًا بعد فعله (ظهر) سقوط ما قالوه.
ومما يدل على ذلك - أيضًا - ويوضحه أنه لو كان موجب النهي وفائدة وصفه بذلك أنه دال على فساد المنهي عنه لوجب أن يكون ما دل من الأدلة على صحة المنهي عنه وإجزائه ووقوعه موقع المأمور به قد أخرج النهي عن كونه نهيًا وعما يقتضيه مجرد إطلاقه. ولو كان ذلك كذلك لوجب أن يكون النهي عن الصلاة في الدار المغصوبة، والتوضي بالماء المغصوب والذبح بسكين مغصوبة والضرب بسوط مغصوب وطلاق البدعة، وكل منهي عنه يجرى فعله في الشرع، ونائب مناب الصحيح المأمور به نهيًا عن ذلك على المجاز والاتساع. إذ كان ما دل على إجزاء تعلقه قد أخرجه عن مقتضى موجبه وإطلاقه. وكنا قد بينا فيما سلف في فصول القول في الحقيقة والمجاز أن كل دليل صرف الكلام عما يقتضيه مطلقه وموضوعه فقد جعله مجازًا وإلا سقط جميع المجاز من الكلام،