فلما لم يكن ذلك كذلك، وكان النهي عن جميع هذه الأشياء المحرمة نهيًا محرمًا على الحقيقة بطل ما قالوه.
وقد ظن بعض أغبياء من خالف في هذا الباب أنه لا يجوز أن يقال إن النهي عن جميع هذه الأمور المحرمة نهي على جهة المجاز. وأن هذه الأفعال منهي عنها على سبيل المجاز، وهذا خلاف الإجماع، لأن مسلمًا لا يقول إن طلاق البدعة والصلاة في الدار المغصوبة منهي عنهما على سبيل المجاز. ولو كان ذلك كذلك لكانت هذه الأمور محرمة ومعصية على طريق المجاز. وهذا خبط ممن صار إليه، فبطل ما توهموه.
فصل: ومما يدل - أيضًا - على فساد دعواهم دلالة النهي على / ص ٣٠٩ فساد المنهي عنه من جهة اللغة أن إجزاء الفعل وبراءة الذمة به أن كونه غير مجزئ يجب قضاؤه حكم شرعي وثابت بالسمع، فكيف يكون ذلك مفهومًا من تواضع أهل اللسان، فسقط ما قالوه.
وكذلك قد بينا في فصول القول في الأوامر إن الأمر لم يوضع في اللغة لإفادة حسن المأمور به أو قبحه ولا النهي أيضًا لذلك، لأنهم قد يأمرون بالحسن والقبيح، وينهون عن الحسن والقبيح والعدل والظلم. فبان أن هذا أجمع ليس من فائدة الأمر والنهي ومفهومة في اللغة وأنه مستفاد بدليل السمع
[أدلة من قال إنه يقتضي الفساد شرعًا والرد عليهم]
فأما من زعم منهم أن النهي يدل على فساد المنهي عنه من جهة المعنى،