ثم يقال لهم: قد يدل على إجزائه وقوعه موقع الصحيح وإن كان معصية قبيحًا حرامًا.
وإن قالوا - أيضًا - قد نهيناك عن الصلاة في الدار المغصوبة والتوضئ بماء مغصوب وحرمنا ذلك، فإن فعلته مضى وأجزاء، ولم تجب عليك إعادته، وناب عن فرضك، وكذلك فقد يعلم هذا بإجماع الأمة على أنه واقع موقع الصحيح. وإذا كان ذلك كذلك بطل ما ادعوه.
ثم يقال لهم: ألي قد علمنا إجزاء الصلاة في الدار المغصوبة وكثير مما نهي عنه وحرم فعله؟ فإذا قالوا: أجل. قيل لهم: أفيجوز أن يكون طريق العلم بإجزائه وصحته الأمر به مع النهي عنه أو الإباحة له مع كونه حرامًا.
فإن قالوا: أجل. أمسك عنهم وظهر تخليطهم.
وإن قالوا: لا، بل إنما نعلم ذلك بطريق غير الإباحة له والأمر به، أبطلوا ما ادعوه بطلانًا بنيًا.
وإن قال منهم قائل: إنما وجبت دلالة النهي على فساد المنهي عنه وكونه غير واقع موقع الصحيح أنه إذا ورد في عقدٍ وتمليك كانت فائدته منع التمليك به، وإذا وقع محرمًا مملكًا به بطلت فائدة النهي.
قيل له: لم قلت إن هذا فائدته؟ وما أنكرت أن يكون معناه الدلالة لنا على قبح المنهي وكونه معصية حرامًا، وسيما إذا كان مما لا تدل العقول على قبحه وتحريمه فيعلم بالنهي عنه كونه مفسدة قبيحًا، وإن حصل التمليك به، وليس يعتبر التمليك به وكون المتوصل إلى تملكه بالنهي عنه على ملك المكلف حرامًا.