وإنما الحرام توصله إلى تملكه بطريق حرام وفعلٍ منهي عنه.
ثم يقال لهم: فقد وقع كثير من المنهي عنه موقع الصحيح وتصحيح المجزئ، ولم تبطل بذلك فائدة النهي عنه، فعلم أنه ليس فائدته كون المنهي عنه غير مجزئ. وذلك ظاهر في بطلان ما قاله.
شبهة لهم أخرى في ذلك: واستدلوا - أيضًا - على صحة ما قالوه بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله:"كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" ومن أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد". قالوا: وإذا ثبت أنه رد وجب كونه باطلًا غير مجزئ.
فيقال لهم: لم قلتم إن معنى قوله: فهو رد أنه غير مجزئ ولا واقع موقع الصحيح/ وما أنكرتم أن يكون معنى أنه رد أنه غير طاعة، ولا مقبول من فاعله، ولا مثاب به وممدوح عليه، لأن الرد ضد القبول. وقول الأمة اللهم اقبل أعملنا، أو لا تردها علينا، ليس معناه اجعلها مجزئة، وأسقط عنا قضاءها، فلا توجب علينا أمثالها، وإنما معنى ذلك أن يقبلها وأن يثيبنا عليها، وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالوه.
ويقال لهم: إن معنى الرد لما يؤمر به أنه غير مجزئ، لوجب أن يكون كل منهي عنه وقع موقع الصحيح والإجزاء فليس بمنهي عنه ولا هو رد لكونه مجزئًا. ولما لم يكن ذلك كذلك، وثبت أن ما يجزئ من النهي عنه وما لا يجزئ رد كله، وغير مقبول ولا مثاب صاحبه بطل حملهم معنى الرد على ما قالوه.