فصل: وقد اعتمدوا - أيضًا - في الدلالة على صحة قولهم باتفاق سلف الأمة على الاستدلال بالنهي الوارد في القرآن على فساد المنهي عنه، وكونه غير حالٍ محل الصحيح، وظهور ذلك عنهم يغني عن الإكثار بذكره. فمن ذلك استدلالهم على فساد عقد الربا بالنهي عنه في قوله تعالى:{وذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} وما ورد من النهي عنه في السنة قوله صلى الله عليه وسلمك "الذهب بالذهب مثلًا بمثل والبر بالبر ... " وأمثال ذلك. ومنه احتجاج ابن عمر في تحريم نكاح المشركات وفساده بقوله تعالى:{وَلا تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ} واستدلالهم على بيع ما لم يقبض بالنهي عنه، وعن بيع الغرر. وأن الكل عقلوا فساد نكاح ذوات المحارم من الأمهات والبنات والأخوات بظاهر قوله تعالى:{وأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} في أمثال هذا مما يطول تتبعه. ورجعوا في فساد جميعه إلى مجرد النهي عنه ومطلقه، لا إلى شيء سواه. فدل إجماعهم على ذلك على أن ظاهر النهي ومطلقه دال على فساد المنهي عنه.