للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال لهم: لم قلتم - أولًا - إن جميع الأمة إنما تعلقت في فساد كثير من المنهي عنه بظاهر النهي عنه،؟ وما دليلكم على ذلك؟ ونحن نقول: إن هذا الاستدلال ممن استدل به خطأ. وإن الخطأ منتفٍ عن جميع الأمة في كل عصر من الأعصار، وإن كنا مع ذلك لا ننكر أن يكون في عصر الصحابة وكل عصر بعده من قد استدل على فساد الشيء بالنهي عنه لشبهة تدخل عليه. فأما أن يقع لجميع الأمة إجماع على ذلك فإنه محال. فلا يجدون إلى تصحيح هذه الدعوى سبيلًا.

ثم يقال لهم: تحتاجون أن ترووا روايةً ظاهرة تقوم الحجة بمثلها عند سائر الأمة أنهم استدلوا/ على فساد بعض ما نهي عنه لمجرد النهي عنه، وأنى لكم بذلك، وإن ظهر عن ابن عمر أو غيره استدلال على فساد شيء بالنهي عنه فذلك مذهب وقول له، وليس ظهوره عنه دليل على أنه مذهب الكل ودين لهم. وقد بينا هذه الجملة ثم نقض استدلالهم على أن الأمر على الوجوب بحمل الصحابة له على ذلك بما يغني عن الإكثار به.

فإن قالوا: لو كانوا إنما يستدلون على فساد تلك الأشياء المنهي عنها بشيء يقارن النهي أوجب ظهوره عنهم ونقله. فلما لم يظهر شيء تعلقوا به يقارن النهي وجب أن يكونوا إنما رجعوا إلى النفس النهي، فقدم جواب هذا فيما سلف. وقلنا لا يجب نقل ذلك عنهم إذا كان معروفًا بينهم وأن اعتمادهم على الإجماع حكم، القول والمراد به والإخبار بذلك أقوى من ذكر الأسباب والأدلة الجامعة لهم على ذلك، لأنها معرضة للمنازعة والتأويل، وإجماعهم قاطع لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>