الأئمة من السلف والخلف على القول بإجزائها. ولما ذكر الجبائي خلاف الأمة في هذه المسألة سأل نفسه فقال: لو قال قائل: إن القول بأنها صلاة مجزئة إجماع من الأمة.
قيل كيف يكون ذلك إجماعًا وأبو شمر يخالف في ذلك؟ فلم يجد أحدًا أسند إليه هذا الخلاف إلا أبا شمر، ولا أمكنه أن يضيف ذلك إلى أحد ممن قبله من أهل السابقة أو الخمول. ولو وجد أحدًا سواه لتأنس بذكره، فبان بذلك أنه إجماع قبل خلق أبي شمر، فالإجماع حجة لا يعتد بخلافٍ بعده لو اتفق لعظماء من بعدهم أو القادة، فكيف لأبي شمر ونوابت الناشئة من القدرية ومن تبعهم من أهل الظاهر.
فإن قال قائل: فأنتم - أيضًا - لا تقدرون على رواية عن سائر الأمة بإجزائها.
قيل له: الذي يرجع إليه في تثبيت ذلك أقوى من روايةٍ الإجماع، وهو - أيضًا - وكل أحد يعلم بأن سلف الأمة وخلفها كانوا يعلمون قطعًا أن المصلي قد يصلي في الدار المغصوبة كما يصلي في غير المغصوبة، وأنه لا يكاد أن يسلم جميع المكلفين للصلاة في شرق الأرض وغربها من ذلك حتى لا يصلي أحد