وهذا بعيد ممن توهمه من قبل أن الغصب إنما غصب ملك صاحب الدار وحقه فيها، وهو إنما يملك التصرف فيها وفعل الأكوان على أرضها وسقوفها وهوائها المسامت لها، ولا يملك نفس أجزائها. وكذلك قولنا إنه يملك العبد والأمة، ويملك بضع زوجته والمبيع بعقد البيع والنكاح إنما نعني به أنه يملك الانتفاع والتصرف في ذلك على حدٍ ورسمٍ له دون السرف والتجاوز في. فأما ذوات الأجسام فملك لله سبحانه دون سائر خلقه. والقدرية تزعم أن ذوات الأجسام الحادثة والباقية ليست بملك لله، ولا لأحدٍ من خلقه من حيث كانت موجودة وكأن الملك للشيء بمعنى القدرة عليه فالموجود يستحيل عندهم كونه مقدوراً لله سبحانه أو لأحدٍ من خلقه. ولما كان القديم مالكاً للعالم قبل خلقه وفي حال عدمه. لأنه مقدور في تلك الحال. فإذا حدثت وبقي خرج في الحالتين عن ملكه وملك كل أحدٍ وإن كنا قد بينا فساد هذا القول في غير موضع. وإنما ذكرنا ذلك لنعرف بصاحب الدار إنما يملك التصرف فيها وفعل الأكوان في جهاتها ووضع متاعه ورحله فيها. وإذا كان ذلك كذلك وكانت الصلاة في الدار المغصوبة من جملتها كون المصلي فيها وقيامه وركوعه وسجوده على صفحة قرارها وفي هوائها وجب أن تكون أكوانه غصباً لصاحبها، ومنعاً له من أن يكون بحيث هو، ومن ترك متاعه في مكان الغاصب المصلي فيها ولو لم يكن عاصياً بقعوده في تلك الأماكن وقيامه وركوعه وسجوده