وكذلك لا يحل له غصب ثوب غيره وما به يستر عورته، وسيما إذا كان له غنى ومندوحة عن ذلك فبطل ما قالوه.
فصل: وقد حاول- أيضاً- بعض الفقهاء الجواب عما قالوه، والاستدلال على صحة الصلاة في الدار المغصوبة بأن قال: إن الصلاة في الدار المغصوبة طاعة لله عز وجل، وهي نعم منفصلة من الكون في الدار وغير له. قال: بدلالة أنه قد يفعل الكون في الدار وإن لم يكن مصلياً فيها، ويكون في الدار المغصوبة ويفعل الكون فيها من لا يكون مصلياً فيها بأن يصلي في غيرها. قال: فثبت أن الكون في الدار غير الصلاة فيها.
وقد كان من حق هذا الكلام أن لا يتشاغل بذكره والنقض له الظهور فساده وخطأ قائله عند جميع محصلي علم هذا الباب من سائر المتكلمين. لأنه وإن جاز أن يكون فيها ولا يكون مصلياً بأن يكون مصلياً في غيرها، فغنه لا يجوز أن يكون مصلياً إلا بفعل الكون فيها. وإن جاز أن يفعل الكون فيها من لا يكون مصلياً له. وهذا بمثابة من قال إن القعود في الدار المغصوبة وعلى صفحتها ليس هو الكون فيها، لأنه قد يكون فيها من ليس بقاعد بأن يكون قائماً أو مضطجعاً أو ماشياً، وقد يكون فيها من يفعل قعوداً في غيرها، فيجب أن يكون الجلوس في الدار غير الكون فيها. وهذا بعد عظيم من متوهمه.
وكذلك فلو قال قائل: الكون ليس بحركة، لأنه قد يكون الكائن غير متحرك بأن يكون ساكناً بسكون أيضاً، لأنه قد يكون/ ص ٣٢٥ كائناً غير ساكن بأن يكون متحركاً، فيجب أن تكون الأكوان غير الحركة والسكون، وهو أيضاً بمصابة من قال: إن الكون ليس هو السواد والبياض والحمرة والألوان الخمسة، لأنه قد يكون المتلون غير أسود بأن يكون أبيض، وبمثابة من قال: إن الصلاة ليست بطاعة، ولا قربة لأنه قد يكون مطيعاً متقرباً من ليس بمصلٍ، وقد يصلي من