لا تكون صلاته قربة إلى الله سبحانه، فيجب أن تكون الطاعة والقربة بالصلاة غير الصلاة. وكل هذا بعد ممن توهمه، وذهاب عن التحصيل.
ويقال لهم: إذا قلتم إن صلاة المصلي في الدار غير أكوانه فيها، فاذكروا لنا ما الأكوان فيها، وما هو القيام والركوع والسجود الذي هو غير الكون، فلا يمكن عاقل أن يذكر في ذلك شيئاً يكون شبهة في هذا الباب.
فصل: ولو كان الكون في الدار القيام والركوع والسجود والجلوس فيها، ومخالف لجنس هذه الأفعال لكانت لابد أن تكون مثل الأكوان فيها أو ضدها أو خلافها.
فلو كانت مثلها لاستغني بالقيام والجلوس فيها عن وجود كون له فيها، لأنهما من جنس الكون.
ولو كانا خلافين ضدين لاستحال أن يكون الكائن في الدار مصلياً فيها، لأن ذلك يوجب اجتماع الأضداد، وذلك محال.
ولو كانا خلافين لصح وجود الصلاة في الدار مع ضد الكون فيها، الذي هو كون في غيرها، وأن يوجد الكون فيها مع ضد القيام والجلوس فيها. وضد ذلك كون في غيرها. وذلك يوجب أن يوجد بالمصلي كونين في مكانين معاً. وهذا بعد ممن صار إليه، فثبت بذلك بطلان القول. وفي الذي اعتمدنا عليه في إبطال اعتلالهم كفاية وغنى عن هذه التلفيقات الباطلة، وبالله التوفيق.
ويليه المجلد الثالث ويبدأ بالقول في العموم والخصوص.