ومنهم من يقول يصلح للاستغراق، وإن لم يكن مسموعا لذلك. وإذا كان ذلك كذلك وقد رأيناهم عدلوا في الجزاء والاستفهام إلى لفظة من وأي علم أنهم لم يعدلوا إليه، لأن لمن وأي من الحظ في العموم والاستغراق أوفر مما لاسم الجمع، فإذا جاز باتفاق استغراق اسم الجمع لجميع الجنس فيجب أن تكون زيادة حظ أي من وجوب استغراقه لجميع الجنس، ولو كان من صالحاً للاستغراق وغير موضوع له لكان بمنزلة اسم الجمع الصالح لذلك، ولم يكن للعدول إليه وجه/ لأنه في رتبته وبمثابته، فوجب لأجل ذلك استغراق لفظ من وأي في الجزاء والاستفهام.
فيقال لهم: هذا - أيضاً - من جنس استدلالكم، وتخيلكم الأولى الذي لا أصل له، وإثبات لغة بقياس واستخراج، وذلك باطل وما نشك في أن هذه الأغراض التي تضعونها لهم بهذه الأدلة مما لم يخطر ببالهم، فما الحجة على ما تدعون؟
ثم يقال لهم: ما أنكرتم أن يكونوا إنما عدلوا إلى من وأي عن ذكر اسم الجمع لغير ما ظننتم، بل، لأنهم إذا ذكروا لفظ الجمع لم يصلح أن يريدوا به واحداً فقط، بل لا يصلح أن ينصرف بظاهره الأول إلا إلى الجمع، لأن القائل منهم إذا قال: هل عندك الناس أو الرجال أو العقلاء؟. لم يجزأن يكون مستفهماً عن واحد فقط بل يكون مستفهماً عن الجميع، وكذلك إذا قال إن دخل النساء الدار فهن طوالق، وإن دخل العبيد فهم أحرار. وإن دخلت الجماعة والفرقة فهم عصاة وجب صرف ظاهر الكلام إلى الاستفهام عن الجمع والجزاء لهم وتعليقه بهم دون الواحد منهم، ولم يجب نحو هذا الظاهر إذا دخلت الواحدة من النساء أن تطلق، ولا أن يعتق العبد الواحد بدخوله،