العموم لاستغراق الجنس, فإذا صرفه الدليل الذي لا يغير لفظه وصيغته إلى البعض خرج عن مفهوم مطلقه ومقتضاه, فوجب كونه مجازًا من حيث فهم منه مع القرينة خلاف ما يفهم من إطلاقه.
والوجه الآخر إنه لو كان ما قلتموه صحيحًا لوجب إذا أخرج الدليل وانفصل كل ما تحت العموم إلا واحد منه أن يكون أيضًا حقيقة في الواحد, لأن الواحد الباقي مما كان داخلاً تحت اللفظ ومراد به وواقع عليكم أن هذه حال ما زاد عليه من أبعاض العام, ولما اتفق على فساد ذلك, لأجل أن اللفظ لم يوضع للواحد وإن تناوله في جملة الجنس, وإنما وضع للاستغراق وجب أيضًا أن يصير مجازًا, وإن بقي تحته الثلاثة والألف, وكل ما قصر عن الاستغراق, وأنه لم يوضع مجرده لذلك القدر, كما لم يوضع للواحد. فسقط ما قالوه/.
فصل: وليس لأحد أن يقول فقولوا لأجل هذا إنه حقيقة مجاز, فيكون حقيقة فيما بقي, لأنه مما دخل تحت اللفظ, ومجاز من حيث لم يكن مستغرقًا.
قلنا: لأنه يكفي غي كونه مجازًا خروجه بالقرينة عما يقتضيه الإطلاق, ولا يكون حقيقة فيما بقي, لأنه لم يوضع له وحده. فلذلك لم يجز أن يقال إن لفظ العموم إذا خص حتى بقي يبقى منه واحد, فإنه حقيقة لبقاء شيء ما تحته. ومجاز من حيث خرج منه بعضه, فبطل ما قالوه.