للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فأما إذا خص باستثناء متصل به, نحو أن يقول اقتلوا المشركين إلا زيدًا وإلا أهل الكتاب ونحوه, فإنه يكون مع الاستثناء حقيقة فيما بقي.

والدليل على ذلك أن اتصال الاستثناء به يغيره ويؤثر في معنى لفظه, لأن كثيرًا من الكلام إذا اتصل بعضه ببعض كان له بالاتصال تأثيرًا ليس له بالانفراد. ولذلك احتاج الابتداء إلى خبر من كلام المبتدأ ليكون مفيدًا, والكناية إلى تقدم مذكور يكون كناية عنه, وأمثال ذلك. ولهذا وجب أن يكون قولنا زيد اسم الشخص الواحد, فإذا زيد عليه ياء ونونًا صار اسما للاثنين وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون هذا حكم اللفظ مع الاستثناء في أنه يصير باقترانه اسما لقدر ما بقي, ولو عري لكان عامًا. وكذلك القول عشرة إلا واحد, وألف سنة إلا خمسين عامًا, وأمثاله في أن إطلاق الاسم بغير استثناء يفيد الجملة التامة ويصير مع الاستثناء اسما لقدر ما بقي. ولمثل هذا بعينه كان القول رجل اسم واحد منكر. فإذا زيد عليه ألف ولام, وقيل الرجل صار معرفة أو للجنس عند أصحاب العموم فيتغير معناه بما وصل به. وإذا كان ذلك كذلك صح ما قلناه من الفرق بين القرائن المتصلة والمنفصلة.

فإن قالوا: فقولوا لأجل هذا إن قوله تعالى. فاقتلوا المشركين إذا اتصل به قول الرسول إلا زيد, أو قوله ولا تقتلوا زيدًا وفلانًا وفلانًا فإنه يكون حقيقة فيما عدا المستثنى.

قيل: من الناس من يقول ذلك ويجعل استثناء الرسول المتصل بمنزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>