والجواب الآخر: إنها إن صحت عنه حملت على تأويل يوافق طريقة اللغة, فيمكن أن يكون أراد بالقول بجواز ذلك القول, بأنه يجوز أن يضمر المتكلم الاستثناء في نفسه عقيب كلامه ويخبر بعد مدة عن إضماره لذلك, فأجل الخبر عن الاستثناء المضمر المتصل بالكلام محل الاستثناء, وهذا قريب غير بعيد.
فإن قيل: فما وجه إحالة الخبر عن الاستثناء وإن تأخر محل الاستثناء المضمر المتصل بالكلام؟
قيل: وجه ذلك أن الاستثناء لو أظهره المستثنى متصلًا بكلامه لأفاد التخصص, وكون المستثنى عير مراد بالقول, فكذلك الخبر عنه, وإن تأخر يفيد أن بناء الخبر خبر عن إضمار استثناء وقت تكلم غير داخل في كلامه ولا مراد به, فهذا وجه يصح حمل كلامه عليه, ولو صح عنه التصميم على صحة تأخير الاستثناء وفصله من الكلام لكان ذلك خلافًا منه على أهل اللغة وبمنزلة أن يقول بجواز تأخير التقييد والشرط والخبر عن الكلام والابتداء, ولا خلاف في إحالة ذلك, فثبت ما قلناه.
فصل: وقد حكي أن قومًا أجازوا تأخر الاستثناء عن المستثنى منه بأن يوردوه موجودًا معه كلام يدل به على أنه استثناء مما تقدم, وذلك نحو أن