يقال لهم: هذا في نهاية البطلان لأننا لا نعلم توقيفًا عن جميع أهل اللغة من طريق يوجب العلم ويقطع العذر على أنه راجع إلى أحدهما أو أنه لا بد أن يكون في أصل الوضع مفيدًا عندهم لأحدهما, ولا عن الأمة في ذلك إجماع معلوم, وإنما هذه مسألة حادثة تختلف فيها أهل اللغة والفقهاء, ولو صح إجماع من الأمة على وجوب عودة إلى جميع ما تقدم أو إلى ما يليه لوجب حمله على ذلك بحجة الإجماع لا بموجب اللغة والموضوع, وكذلك لو اتفقت الأمة على أنه لا بد من أن يكون في الأصل موضوعًا لأحدهما ثم اختلفت في أيهما الذي وضع له لوجب أن يستدل بإجماعها على أنه لابد من أن يكون موضوعًا لأحدهما, ثم لا تعلم أيهما هو منهما لاختلافهما في ذلك وتكافئ دعاوي المختلفين فيه, والواجب على من لم ير القول بالوقف في ذلك أن يقول إن الاستثناء المتصل بجمل من الكلام راجع إلى جميعها وعامل فيه إلا أن يمنع من ذلك دليل, فإن القول بذلك أولى.
والذي يدل على أن هذا القول أولى أمور:
أحدها: أن المعطوف من الكلام بعضه على بعض بمنزلة المذكور جميعه باسم واحد يعمه, من حيث كان لا فصل عندهم بين قولهم: اضرب زيدًا وعمرًا, وخالدًا وبين قولهم اضرب هذه الفرقة, واضرب هؤلاء الثلاثة, ولذلك لا فرق بين قولهم اضرب زيدًا بن محمد وزيدًا بن بكر, وزيدًا بن جعفر, وبين قولهم اضرب الزيدين باسم يعمهم.