ويقال لهم: فقولوا - أيضًا - لنفس اعتلالكم هذا إن الشرط والاستثناء بمشيئة الله راجعين إلى ما يليهما, لأن قبله متيقن لنفي الشرط والاستثناء عنه ولا يزال عن حكمه اليقيني إلا بيقين, وقولوا - أيضًا - بوجوب حمل ألفاظ الجموع على أقل الجمع, لأنه متيقن إنه مراد وما عداه مختلف فيه وغير متيقن فإن ركبوا ذلك أجمع أبطلوا مذاهبهم, وإن أبوه نقضوا استدلالهم.
فصل: واستدل الفريقان على صحة كل واحد من القولين بأنهم قد وجدوا الاستثناء راجعًا إلى جميع ما تقدم.
وقال آخرون: قد وجدنا استثناء راجعًا إلى ما يليه وبعض ما تقدم, فوجب أن يكون ذلك موضوعه وفائدته, وهذا باطل متعارض على ما نراه, وإنما وجب حمل ما رجع إلى جميع ما تقدم أو إلى بعضه على ذلك بدليل لا بحق الإطلاق والوضع عند أهل اللسان.
فصل: والذي يبين ما قلناه من جواز رجوع هذا الاستثناء إلى جميع ما تقدم تارة وإلى بعضه أخرى كان مما يليه أو لا يليه قوله عز وجل في القذفة {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} بعد قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} وإنما رجع هذا الاستثناء إلى إزالة اسم الفسق وإسقاط الشهادة دون إسقاط الحد, لأن التوبة لا تعمل في إزالته.
وكذلك حكم الاستثناء في قوله تعالى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا} لأن تصدقهم لا يعمل في إسقاط الكفارة بالرقبة