وإن عفوا عن الدية. وقد كان يصح إعماله في إسقاط حقهم وحق الله سبحانه من الكفارات وهذه حال الشرط عندنا, لأنه لو قال صل صلاتين, وصم يومًا أو يومين, وانحر بدنه, فإن لم تقدر فصم يومًا أو يومين أو أطعم مسكينًا لاحتمل أن يكون الشرط بعد القدرة راجعًا إلى جميع ما تقدم, واحتمل أن يكون راجعًا إلى عدم القدرة على نحر البدنة فقط, وهذا مثل قوله تعالى:{يقول سبحانه في سورة المائدة: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ} وقوله فمن لم يجد شرط يصح رجوعه إلى عدم الرقبة فقط, ويصح عوده إلى عدم الجميع, ولو قصد سبحانه رفع الاحتمال في إيجاب رجوعه إلى جميع ما تقدم عقب كل جملة يذكرها بالشرط, نحو أن يقول عقيب قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم فمن لم يجد الصيام ثلاثة أيام أو كسوتهم, فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام, أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام, فلما عقبه بآخر جملة صح عوده إلى الجميع وإلى البعض.
فأما الاستثناء الذي خبرنا أنه لا يجوز أبدًا حمله على ما يليه فهو قوله سبحانه:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} لأنه لو حمل قوله إلا قليلًا على بعض من تفضل الله عليه بالعصمة واللطف في ترك الكفر واتباع الشيطان لكان فيمن عصمه وجنبه اتباع الشيطان ولطف له في ذلك قلنا قد اتبع الشيطان ولم ينفعه بالعصمة واللطف, وهذا فاسد بإجماع, ومبطل لمعنى الكلام, ورفع المنة عليهم بذلك إذا كانت على من كفر واتبع الشيطان ولو أنكر أن يكون