بعض من تفضل عليه بذلك متبعًا للشيطان لا ننكر ذلك في جميعهم ولفسد مع الكلام بإجماع, فوجب حمل قوله إلا قليلًا على قوله: لعلمه الذين يستبطونه منهم إلا قليلًا, لتقصير وإهمال وغلط يقع منهم في الاستنباط ولا يعلمون ذلك, ويمكن أيضًا أن يكون قوله إلا قليلًا منهم راجعًا إلى قوله: أذاعوا به, فكأنه قال: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليل منهم لا يذيعونه, وهذا صحيح أيضًا, وذلك يوجب رجوعه إلى أول المذكور, على أنه قد يمكن أن يحمل على أنه راجع إلى قوله {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} فكأنه قال: ولولا فضل الله ورحمته بإرسال محمد عليه السلام إليكم وبيانه لكن واستنقاذكم به من الجهل بالله عز وجل, وما أيده به من الآيات لاتبعتم الشيطان إلا قليلًا منكم قد كانوا تفضل الله عليهم بالعصمة من الكفر قبل بعثة الرسول عليه السلام كأويس القرني وزيد بن عمرو بن نفيل وأمثالهما ممن تفضل الله عليه بالهداية له إلى معرفته ووفقه للاستدلال على توحيده وإتباع رسول قبله قد فرض إتباعه عندنا غير بعيد أيضًا, فبان بذلك صحة ما قلناه في هذا الباب وبفصول القول فيه.