فأما من يقول إن العبارةً هي نفس الكلام، وأنه كلام قديم، لم يزل الله متكلمًا به، فإنه يحيل على هذا القول كون تقدم دليل العقل على العام من كلام الله. فبطل اعتلالهم على قول هذا الفريق من النفاةً لخلق القرآن.
وقد زعم قوم أنه لا يجوز أن يقال: العقل خص ما لا يجوز دخوله قي اللفظ. وما لو قال المتكلم به قصدت دخوله فيه لعد جاهلًا ومبطلًا. ونلك نحو قوله:{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} و {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} و {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وما جرى مجرى ذلك، لأنه قد علم إحالة دخول كل ما/ يقع عليه اسم شيء تحت القدرة والخلق. وإنه لم يرد بقوله:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} نفس الطفل والمجنون إذا قتلوا? وإنما أراد ذا نفسٍ على صفة مخصوصةً، وهذا أيضًا خلاف في عبارةً، لأن إحالة تناول القدرةً والخلق لكل شيء لم يخرج ما استحال ذلك فيه عن استحقاق الاسم، وهو خارج عن الخطاب بالدليل? وليس معنى التخصص أكثر من خروج ما يلحقه الاسم الداخل تحت الكلام بدليل، ولا معتبر بتسميته تخصصًا أو منع ذلك. فأما قوله:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} فليس بمحال إيجابه تعالى قتل كل نفس قتلت نفسًا? وإن لم يكن العاقل عاقلًا، ولو تعبد بذلك لكان سائغًا جائزًا حسنًا، وليس التعبد والأمر به بأعظم من توليه إماتةً من ليس بعاقل من الأحياء. فليس هذا من الضرب الأول بسبيل.