في تقابل العموم والخبر الخاص في قدر ما تعارضا فيه.
فإن قائل قائل: قبل الكلام على المخالفين في هذا الباب قولكم بتقابل العموم والقياس خارج عن الإجماع لأنه لا أحد ممن يقول بالعموم بإثبات القياس في الأحكام يقول بمقابلتهما.
يقال له: ليس الأمر على ما توهمته ولا إجماع في ذلك من الأمة، ولا من القائلين بفرض القياس في الأحكام ووجوب العمل بالعام.
ولأن القائلين بمقابلة الخبر الخاص للعام في قدر ما يتناوله الخاص من أصحاب أبي حنيفة وأهل الظاهر يقولون بترك تخصص العام بالخبر المتواتر وبالآيةً من القرآن، التي هي نص في التخصص للعلةً التي ذكرناها في وجوب تقابل الخبر والعام. ويجب أن يكونوا أقوى بذلك في تقابل القياس والعموم. ومع هذا فقد علمنا أن كثيرًا من الفقهاء يقولون بوجوب تقديم العمل بموجب القياس على العمل بموجب خبر الواحد، ويرى أنه أقوى من الخبر.
ومنهم من يقول: بل يجب تقديم العمل بموجب الخبر وترك موجب القياس لأجله.
وإذا منع هؤلاء تخصص العموم بالخبر، وهو مقدم على القياس فبأن يقولوا بتقابل العموم والقياس أولى. ومع هذا فلو ثبت إجماع القائلين بوجوب القياس في الأحكام على أنه لابد من تقديم العموم على القياس أو تخصصه بالقياس لم يكن هذا الإجماع من القائلين بالعموم والقياس حجةً،