للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العناة (١)، ومراد العفاة، ومجتمع الفضائل، ومنتجع الأفاضل، ومشرع الجود، ومشعر الوفود. فلما استترت بجناحه، واستظهرت باستماحه، أعذب لي بسماحة الدهر جناه، واعتذر لي مما جناه، فكف دوني كفه، وصرف عني صرفه.

كريم رفضت الناس لما بلغته … كأنهم ما خف من زاد قادم

فكنت فيما مضيت عليه، وآلت حالي إليه، من إشراقها بعد الأفول، وإيراقها بعد الذبول، كنصل أهمل أمره، من جهل قدره، ولما وقع إلى الخبير به صان صفحته وحده، وحلى حمائله وغمده، ثم ادخره فيما يدخر وأعده، فإن انتضاه، يوماً ارتضاه، وإن جرده، أحمده، وإن هزه، سره في الضريبة حزه.

ولكن أبى الله أن يكون الفضل إلا لمن نشأ في مغارسه، ونجم في منابته، وربى في جحره، وغذى بدره.

فلم أستسغ إلا نداه فلم يكن … ليعدل عندي ذا الجناب جناب

فما كل إنعام يخف احتماله … وإن هطلت منه علىّ رباب (٢)

ولكن أجلّ الصنع ما جىّ ربه … ولم يأت باب دونه وحجاب

وما شئت إلا أن أدل عواذلي … على أن رأيي في هواك صواب (٣)

وأعلم قوماً خالفوني فشرقوا … وغربت أني قد ظفرت وخابوا

والأولى أن أضرب عما سلف، وأترك ما فرط، وآخذ فيما أجريت إليه وقصدته، ونحوته واعتمدته، مما آثرت به الحضرة السامية (٤) - أدام الله


(١) المصاد: موضع الصيد. والعناة: جمع عان، وهو الأسير.
(٢) الرباب: سحاب يركب بعضه بعضا، الواحدة ربابة. وفي الأصل: «لدى ولا منه على»، صوابه من ياقوت (٧: ٥٩)، وقافيته فيه «سحاب».
(٣) البيت وتاليه للمتنبى في ديوانه (١: ١٢٧) برواية العكبري.
(٤) في الأصل: «الشامية».

<<  <  ج: ص:  >  >>