للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سموها - من وصف ما عانيته من أرض مصر وعاينته، والاقتصار على الذي رأيته دون ما رويته، فليس من يقول: علمت هذا من طريق العلم والسماع، كمن يقول: تحققته بالمشاهدة والاطلاع، فإن ذا اللب الأمين لا ينخدع بمحال، ولا يرضى بانتحال.

وأنا أبتدئ بذكر هذه البلاد وموقعها في المعمورة ومجرى النيل منها، وغنائه فيها، وأشفع ذلك بنبذ من ذكر أحوال أهلها في أخلاقهم، وسيرهم وعاداتهم، وما يتصل بذلك وينجرّ معه، ويجيء بسببه، ويدخل في تضاعيفه.

وها أنا ذا آخذ في ذلك، وبالله أستعين، وعليه التوكل.

(١) أرض مصر بأسرها واقعة من المعمورة في قسمي الإقليم الثاني والإقليم الثالث، ومعظمها في الثالث.

وحكى المعتنون بأخبارها وتواريخها أن حدها في الطول (٢) من مدينة برقة التي في جنوب البحر الرومي، إلى أيلة من ساحل الخليج الخارج من بحر الحبشة والزنج والهند والصين. ومسافة ذلك قريب من أربعين يوما.

قالوا: وحدها في العرض من مدينة أسوان وما سامتها من الصعيد الأعلى المتاخم لأرض النوبة، إلى رشيد (٣) وما حاذاها من مساقط النيل في البحر الرومي، ومسافة ذلك قريب من ثلاثين يوماً. ويكتنفها من مبدئها في العرض إلى منتهاها جبلان [أحدهما في الضفة الشرقية من النيل، وهو المقطم، والآخر في الضفة الغربية منه. والنيل منسرب فيما بينهما. وهما (٤)] أجردان غير شامخين، يتقاربان


(١) الكلام من هنا إلى كلمة «الاستقامة» نقله المقريزي في (١: ١٥ - ١٦).
(٢) هذا تسجيل تاريخي بلدانى لما كانت عليه حدود مصر في عهده.
(٣) في الأصل: «لأرض الشام ورشيد»، صوابه من الخطط.
(٤) التكملة من الخطط.

<<  <  ج: ص:  >  >>