للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(انشقت العصا) العرب تقول: فلان يشق العصا، إذا كان لا يدخل تحت حكم ولا طاعة مخالفاً لأمر الآمرين. ويستعمل شق العصا فيمن يتفرق عنه أحبابه، ويظعن عنه أصحابه فيظهر مكنون سره، ويبوح مخفي أمره (١)، لضرورة البين الداعية إلى ذلك.

قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري في كتابه المسمى بالقائف (٢):

«مر ركب بشجرة مورية (٣)، فاقتضب إنسان منهم عصا ثم شقها، ثم جعل يقتدح قريباً من الشجرة فأورى الزند فقالت الشجرة: يا هذا ما أسرع ما ظهر سرك، وسوف ترغب الركب في اتخاذ زناد مني، فأحور عيداناً في أيدي القوم. فقال: لا تلمني، المغرورة، أظهرت سري ضرورة».

وقال قيس بن ذريح:

إلى الله أشكو نيةً شقّت العصا … هي اليوم شتَّى وهي أمسِ جميعُ (٤)

مضى زمنٌ والناس يستشفعون بي … فهل لي إلى لبني الغداة شفيع

وأول هذه القصيدة:

سقى طللَ الدارِ الذي أنتم بها … حناتم وبل صيّف وربيع (٥)


- وقال زهير:
ومن لم يصانع في أمور كثيرة … يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
وفي الأصل: «وصربها»، صوابه في حماسة ابن الشجري. وروى بعده في الحماسة:
وقبلك ما هاب الرجال ظلامتي … وفقأت عين الأشوس الأبيان
(١) باح الشئ يبوح: ظهر. والمخفى، المستور المكتوم، يقال خفيته وأخفيته.
(٢) ذكره أبو العلاء في تصانيفه التي ألفها، وقال: «كتاب القائف على معنى كليلة ودمنة ألفت منه أربعة أجزاء ثم انقطع تأليفه بموت من أمر بعمله، وهو عزيز الدولة». انظر تعريف القدماء بأبى العلاء.
(٣) مورية: تورى النار، أي تخرجها. وفي الأصل: «موزية».
(٤) قصيدة هذه الأبيات تختلط أبياتها بشعر المجنون اختلاطا، وتروى حينا للمجنون، وحينا القيس. القالى ١: ١٣٦ - ١٣٧ والحيوان ٥: ١٩٣ - ١٩٤ وعيون الأخبار ١: ٢٦١ والأغانى ٨: ١٢٦ وحماسة ابن الشجري ١٥٧ - ١٥٨.
(٥) الحناتم: سحائب سود، الواحدة ختمة. الصيف: المطر الذي يجيء في الصيف.
والربيع: أول مطر يقع بالأرض أيام الخريف، كما في اللسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>