للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضاً:

كم ذا التجني وكثرةُ العلل … لا تأمنوا من حوادث المللِ

ولا تقولوا صبٌّ بنا كلفٌ … فأوّلُ اليأس آخر الأملِ

ولستُ ممن يريد شقَّ عصاً … الذَّنبِ ذنبي والحب شفِّع لي (١)

هبوني أخطأت عامداً فهبوا … خجلةَ عذري ما كان من زللي (٢)

وقال امرؤ القيس بن حجر الكندي:

إذا ما لم تكنْ إبلٌ فمعزي … كأنَّ قرون جلتها العصيُّ

فتملأ بيتنا أقطا وسمناً … وحسبك من غنًى شبعٌ وريُّ

أي كفاك. وكذلك حسبك الله، أي كفاك.

العرب تقول: «طارت عصا بني فلان شفقا». وقال الأسدي:

عصيُّ الشملِ من أسدٍ أراها … قد انصدعت كما انصدع الزُّجاجُ

ويقال: «فلان شقَّ عصا المسلمين»، ولا يقال شق ثوباً ولا غير ذلك مما يقع عليه اسم الشق (٣).

(ألقى العصا) يقال ألقى عصا التسيار، إذا أقام وترك السفر. وكأن العرب عنت بقولها «ألقى عصاه» أي وصل إلى بغيته ومراده، أو وطنه ومراده، وراحته، ومظنة استراحته. قال الأصمعي - واسمه عبد الملك بن قريب - قصيدة مدح بها جعفر بن يحيى البرمكي ورحل إليه فمات قبل أن يصل إليه، وذكر فيها العصا، وهي قصيدة طولى أنا مورد منها نبذة لأجل العصا، وهي:

فخطَّت إليها مناقيلها … وألقت عصا السّفر السّفر (٤)


(١) في الديوان ٤٠: «يشفع لي».
(٢) في الأصل: «حجلة عذرى»، صوابه من الديوان.
(٣) الكلام من «العرب تقول» إلى هنا، مقتبس من البيان والتبين ٣: ٣٩ - ٤٠.
(٤) المناقيل: جمع منقل بفتح الميم وكسرها، وهو الخف، وزيادة الياء في مثل هذا الجمع جائز عند الكوفيين اطرادا. والسفر هنا: جمع سافر، وهو الذي خرج إلى السفر، مثل راكع وركع. ومع قياسيته لم أجده في المعاجم. وفي الأصل: «المسفر»، وأثبت ما في خ.

<<  <  ج: ص:  >  >>