للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفوا الرجوم (١)، وزجروا السانح والبارح، وأثاروا الصيد وعلموا الجوارح، هم كروا نهر مهران (٢)، وبنوا قصر غمدان، وحدوا بالركب للنخل من ودان (٣)، فجابوا الأقطاب، واجتنوا الرّطاب، وملئوا الأوطاب، وميزوا التوكيت والتذنيب والإرطاب (٤)، وانفردوا بالحكمة وفصل الخطاب:

سور القرآن الغر فيهم أنزلت … ولهم تصاغ محاسن الأشعار

قد كان يكفي يا ذات النحيين، وكبوح الحيين (٥)، في بعض محاجّاتك، وعرض مداجاتك، أن هذذت شفتيك بلحنك الماخوري، وأنفذت حضنيك بنفثات أبى العلاء المعرّىّ، فأقمت فيها صغاك بالحرف العليل (٦)، وبغيت فوق مبتغاك يا لئيم (٧)، ما هو أقل من القليل، فأزحت (٨) عن فشلك وخمولك، وأبحت هجوك وشتم رسولك؛ ثم شكوت قفار حالك، وأبنت واهي نثرك بزور انتحالك، فحسبك بها يا ذا العضب قرضاً وجزاء (٩)، وانتهاء إلى الفهاهة لا أبا لك واعتزاء، واقتساما لأدبك (١٠) بيد التدمير أجزاء.


(١) في الأصل: «الوجوم»، تحريف. والرجوم: النجوم التي يرمى بها.
(٢) كروا: حفروا.
(٣) ودان: موضع بين مكة والمدينة. وفي معجم البلدان. «وقرأت بخط كراع الهنائي على ظهر كتاب المنضد من تصنيفه: قال بعضهم: خرجت حاجا فلما جزت بودان أنشدت:
أيا صاحب الخيمات من بعد أرثد … إلى النخل من ودان ما فعلت نعم
فقال لي رجل من أهلها: انظر هل ترى نخلا؟ فقلت: لا. فقال: هذا خطأ، إنما هو النحل. ونحل الوادي: جانبه».
(٤) التوكيت: أن يصير في البسرة نقط من الإرطاب. وفي الأصل: «التركيب»، تحريف. والتذنيب: أن يصير فيها نكت من الإرطاب من قبل ذنبها.
(٥) كبوح، لعلها «نبوح»، وهو ضجة القوم وأصوات كلابهم. والنبوح أيضا:
جماعة النابح من الكلاب.
(٦) إشارة إلى قول أبى العلاء، وقد سبق في نهاية رسالة ابن غرسية:
وإن الوزن وهو أصح وزن … يقام صغاه بالحرف العليل
(٧) بغيت: أعنت على ما تبتغى. وفي الأصل: «بعثت».
(٨) في الأصل: «فأرحت».
(٩) العضب: اللسان الذليق. يتهكم به.
(١٠) في الأصل: «لأدبيك».

<<  <  ج: ص:  >  >>