للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له … أكيلاً فإني لست آكله وحدي

هذا المجد السري، والفخر الحِري، والنسب الحُري، لا ما تقولته لحاك الله ولحا أباك، وحيا من أباك، من فخرنا بالقديم، المفري للأديم؛ أغفيت فانتبه، «من يطل أير أبيه ينتطق به»:

أتبغض جوهر العرب المصفى … ولم يبغضهم مولىً صريحُ

فما لك حيلة فيهم فتجدى … عليك بل تموت فتستريح

أما لك فيهم بعد الملوك العاربة، والكواكب الطالعة الغاربة، من الثمودية والعادية، والطسمية والجديسية، والوبارية (١) والأميمية، ما يقرع صفاك، وينقع بماء الملام صفاك، إلى خالفة من المتعربة (٢) خلفت خلافها، وارتضعت في البأس والجود أخلافها، وإن كانت من جمعكم كالبعرة في البيداء، والشعرة البيضاء في اللمة السوداء، حطّت ذراكم من اليفاع، وخطت في صدوركم بخطى الخطى لا باليراع، يستملون من أنسية الآجال (٣)، وينهدون إليكم بقلوب أسدٍ في صدور رجال أقلامهم الردينيات واليزنيات، وصحفهم المشرفيات والسريجيات، ولحفهم الوضاء الداوديات، وسررهم المقربات الغر الأعوجيات:

إذا ركبوا الخيل واستلأموا … تحرقت الأرض واليوم قرّ (٤)

بروياتهم لا بروايتهم، ودراياتهم لا بادراتهم (٥)، نصبوا الأحياء، ونسبوا الأشياء، وشققوا الأسماء، وقسموا على حصص البروج السماء، فوصفوا النجوم،


(١) نسبة إلى «وبار». وفي الأصل: «الأبارية»، تحريف. وانظر البيان (١: ١٧٧) ونهاية الأرب (٢: ٢٩٢).
(٢) المتعربة هم بنو قحطان بن عابر الذين نطقوا بلسان المعرب العارية وسكنوا ديارهم.
نهاية الأرب ٢: ٢٩٢. وفي الأصل: «المتغربة»، تحريف.
(٣) الأنسية: جمع نسيء، بمعنى مؤخر. ويستملون، أي يملون. عنى أنهم يكرهون الآجال المؤخرة فهم يستعجلون الموت.
(٤) لامرئ القيس في ديوانه ٥.
(٥) في الأصل: «ودرياتهم لا بادارتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>