للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذوو عقول راجحة، وأنه قد كانت لهم بالحكمة عناية بالغة، لا سيما بصناعتى الهندسة والنجوم.

وقال بعض أهل العناية بأخبار الأمم وتواريخهم: كان بمصر بعد الطوفان علماء بضروب الحكمة، من العلوم الرياضيّة والطبيعية ولإلهيّة، ومتحقّقون بعلم المرايا المحرقة، وبالطّلّسمات والنّير نجيات وغير ذلك.

والملك بمصر من قديم الزمان بمدينة منف، وهي في غربي النيل، على مسافة اثني عشر ميلاً من الفسطاط. ولما بنى الإسكندر مدينة (الإسكندرية) منذ نحو ألف سنة وأربعمائة سنة وأربعين سنة، رغب الناس في عمارتها (١)، وكانت دار العلم، ومقر الحكمة، إلى أن تغلّب عليها المسلمون في خلافة عمر بن الخطاب، رضوان الله عليه، واختط عمرو بن العاص مدينته المعروفة (بالفسطاط) فانسرب أهل مصر وغيرهم من العرب والعجم إلى سكناها، فصارت قاعدة ديار مصر ومركزها إلى وقتنا هذا.

فيقال إن من قدماء أهل العلم بها هرمس الثالث (٢)، وكان فيلسوفاً جوالاً في البلاد، طوافاً في المدائن، عالماً بنصبتها (٣)، وطوالعها وطبائع أهلها، وله تصانيف جليلة مفيدة في فنون من الحكمة.

ومنهم دبوفنطس (٤) صاحب المقالات الموضوعة في علم العدد وخواصه على طريق الجبر والمقابلة.


(١) في الأصل: «وأعجب في عمارتها»، صوابه من المقريزي (١: ١٣٥).
(٢) في الأصل: «هرمس الثاني»، والصواب ما أثبت من عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة (١: ١٧) حيث ذكر الهرامسة الثلاثة، وقال في هرمس هذا: «وأما هرمس الثالث فإنه سكن مدينة مصر، وكان بعد الطوفان». وأما هرمس الثاني فهو كلدانى من أهل بابل.
وهرمس الأول مصرى كان قبل الطوفان، وهو عند العرب إدريس عليه السلام.
(٣) في الأصل: «بنصبها»، وفي عيون الأنباء: «عالما بنصبة المدائن وطبائعها».
(٤) ذكره ابن أبي أصيبعة في (١: ٢٤٥) في أثناء ترجمة «قسطا بن لوقا»، قال: «كتاب في ترجمة ديوفنطس في الجبر والمقابلة»: وذكره أيضا عرضا في ترجمة ابن الهيثم (٢: ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>