للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحقق أن بانيهما سوريد (١)، لرؤيا رآها، وهي أن آفة تنزل من السماء، وهي الطوفان. وقالوا إنه بناهما في مدة ستة أشهر، وغشاهما بالديباج الملون، وكتب عليهما:

«قد بنيناهما في ستة أشهر، قل لمن يأتي من بعدنا يهدمهما في ستمائة سنة، فالهدم أيسر من البنيان، وكسوناهما الديباج الملون فليكسهما حصراً، فالحصر أهون من الديباج».

ورأينا سطوح كل واحد من هذين الهرمين مخطوطة من أعلاها إلى أسفلها بسطور متضايقة متوازية، من كتابة بانيها، لا تعرف اليوم أحرفها، ولا تفهم معانيها. وبالجملة الأمر فيها عجيب، حتى إن غاية الوصف لها والإغراق في العبارة عن حقيقة الموصوف منها، بخلاف ما قاله على (٢)] بن العباس الرومي، وإن تباعد الموصوفان، وتباين المقصودان، إذ يقول:

إذا ما وصفت امرأ لا مرئ … فلا تغل في وصفه واقصد

فإنّك إن تغل تغل الظنو … ن فيه إلى الغرض الأبعد

فيصغر من حيث عظمته … لفضل المغيب على المشهد

وكذلك أمر البرابى، كبربا إخميم، وبربا سمنود (٣)، وبربا دندرا (٤)، فإن فيها من الإحكام وجودة الشكل وحسن التصوير، ما يدل على أن عمّارها


(١) في النجوم الزاهرة: «سويرد وقيل سويد».
(٢) إلى هنا ينتهى السقط الذي نبهنا عليه في الحاشية ٧ من صفحة ٢٦.
(٣) في الأصل: «سمندو»، صوابه من المقريزي عند ذكر البرابى، وقال ياقوت:
«كورة السمنودية كان فيها بربا وكانت إحدى العجائب. قال القضاعي: ذكر عن أبي عمرو الكندي أنه قال: رأيته وقد خزن فيه بعض عمالها قرظا، فرأيت الجمل إذا دنا من بابه وأراد أن يدخله سقط كل دبيب في القرظ، ولم يدخل منه شيء إلى البربا. ثم خرب عند الخمسين وثلاثمائة».
(٤) في الأصل: «ديدار» وإنما هي «دندرا، أو دندرة، أو «أندرا» كما في معجم البلدان. وفي بربا دندرة يقول المقريزي: وهو بربا عجيب، فيه ثمانون ومائة كوة تدخل الشمس كل يوم من كوة منها، ثم الثانية حتى تنتهى إلى آخرها، ثم تكر راجعة إلى موضع بدنها». وأنشد ياقوت في مطلع أبيات:
إن قاض بدندرا … قال بيتين سطرا

<<  <  ج: ص:  >  >>