للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن اختيارهم إلى بوارهم، فعجل الله بأرواحهم إلى نارهم.

وقضية أبي غبشان التي عظمت، ليس الأمر كما توهمت، لأن الكعبة بيت الله لا شريك له وضعه تعالى للعباد، وسوّى بين العاكف فيه والباد، وأبو عبشان إنما باع خدمته في البيت. وهبها قضية سفينها الغوى (١)، أين تقع في قضية إمامكم يهوذا الحواريّ، إذ باع نبيه روح القدس، من أعوانه بالأفلس (٢)، فكذّب الله ظنه، وأنجى نبيه، فدونك ضع قضية سفيهنا في كفة وفي أخرى قضية إمامك، ورجح بينهما بفض ختامك.

وأما وصفك قومك أنهم «مجد، نجد، شمخ، بذخ، عرق، غرق، فهيهات ذلك منهم، تلك صفات قومنا العرب ذوي الأنساب، والأحساب، والعلوم، والحلوم، أولى اللسن، والبيان واللحن (٣)، والإسهاب، في الصواب، والحكمة وفصل الخطاب، فرسان الإعراب، وأرباب القباب، ومعملي الصوارم والحراب، أنديتهم عراص المنية (٤)، وأرديتهم بيض المشرفية، ولبوسهم مضاعفة الماذية (٥).

سهكين من صدإ الحديد كأنهم … تحت السنور جنة البقار (٦)

مجالسهم السروج، وريحانهم الوشيج، وموسيقاهم رنّات الرّدينيّات،


(١) الذخيرة: «وصمة سفيهنا العربي».
(٢) كان لقاء ثلاثين من الفضة. متى ٢٦: ١٥. وقد ندم بعد ذلك ورد الثلاثين ثم مضى وخنق نفسه ٢٧: ٢ - ٥.
(٣) اللحن، بالتحريك: الفطنة.
(٤) عراص: جمع عرصة، وهي كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء.
(٥) الماذية: السهلة اللينة. والمضاعفة: الدروع التي نسجت حلقتين حلقتين.
(٦) للنابغة في ديوانه ٣٥ والحيوان (٦: ١٨٩، ٤٩٥). البقار: موضع كثير الجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>