للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تمنعون ولا تمتنعون، قلوبكم قواء، وأفئدتكم هواء، وعقولكم سواء، قد لانت جلودكم، ونهدت نهودكم، واحمرت خدودكم، تحلقون اللحى والشوارب (١)، وتتهادون القبل في المشارب (٢). والعرب تذم بالدعة، وتهجو بالسعة، وتفخر، بالجلادة، وتتبجح بالصلادة، فإن فاخرتها فبغير الطعام والشراب، ولكن بالطعان والضراب، وما عليك من لوك العرود، أخفت إعجازها، وخشيت إعوازها، أبك حاجة إليها، ألك حرص عليها، لشد ما أدركتك الحمية فيها، وحركتك العصبية لها (٣)، هذه نادرة لم تقصد قصدها. ومن الآيات، ذكر صواحب الرايات، والمباضعة، عندكم كالمراضعة، ما في السّكر، عندكم نكر، تبيحون ولوج العلوج، على بدور الخدور، الزنا، عندكم سنا، والفجار، بينكم فخار، فكيف أنكرت، ما ذكرت، وأنت على سنن، تلك السنن، الحال قائمة، والقصة دائمة، «وأول راض سيرة من يسيرها (٤)».

([وفي (٥)] فصل): فساروا معرقين، وعلوا مشرقين، لا تردهم رادة، ولا تصدهم صادة، حتى أهلكوا ساسان وكاسان، وملكوا خراسان وماسان، وسلكوا بالقهر، ما وراء النهر، فأدخلوكم الدروب، وألزموكم الكروب، بجريدة خيل، وطريدة ويل، وأمضوا فيكم العزائم. وأرضوا منكم الهزائم، حتّى أجحروكم رومية (٦) الدّفرا، والقسطنطينيّة البخراء، ونازلوكم منها على ذراعين، وصرعوكم بين المصراعين.


(١) اللحى: جمع لحية. وهذا ما في الذخيرة. وفي الأصل: «اللحاء»، وهذا إنما هو جمع لحى بالفتح، وهو ما ينبت عليه العارض.
(٢) المشارب: جمع مشرب، وهو الموضع الذي يشرب منه، عنى بها الأفواه.
(٣) الذخيرة: «أدركت» و «حركت».
(٤) عجز بيت لخالد بن زهير الهذلي. ديوان الهذليين (١: ١٥٧). وصدره:

• فلا تجز عن من سنة أنت سرتها …
(٥) التكملة من الذخيرة.
(٦) هذا ما في الذخيرة. وفي الأصل: «رومة». ورومة هذه: أرض بالمدينة فيها بئر رومة التي ابتاعها عثمان وتصدق بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>