للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتخاسف، وكل بصاع هذا التخليط، من هذه الأغاليط، لا يعرفون رشداً، ولا يهتدون قصداً.

هذا مقدار عقول حكمائك، ونهاية آراء علمائك، وهذا قليل من كثير هذيانهم، وأوار من عوار غليانهم. فإن قلت: فإن العرب أيضاً كانت تعبد الأصنام؟ فنحن ما أحمدنا لك دينها، ولا رضينا يقينها، بل نعلم أن من قال منها بالإشراك، فقد قصر في الإدراك، وهي على كل حال تذكر الله تعالى، كما قال عز وجل: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وقالوا: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى. وكثير من يقر بالبعث والجزاء. ويعترف بالحشر واللقاء. وكان منهم من رغب عن عبادة الأوثان. وتفرقوا في الأديان، فكانت حمير على دين موسى، وكان بنو الديان وأهل نجران وتغلب وغسان على دين عيسى، وكانت فيهم الملة الحنيفية الإسلامية، والشريعة الإبراهيمية، ومن أهلها كان قس بن ساعدة الإيادىّ، وورقة بن نوفل الأسدىّ، وزيد بن عمرو بن بني عدي (١)، وقتلته الروم لذلك (٢). وقد قيل، في خالد بن سنان ما قيل (٣).

وكان أبو كرب الحميري (٤) أحد التبابعة قد آمن برسول الله عليه السلام، قبل مبعثه بسبع مائة عام، وقال:


(١) هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. السيرة ١٤٣ جوتنجن.
(٢) الذي في السيرة ١٤٩ أن بنى لخم الذين قتلوه. فقد يكون ذلك بإيعاز من الروم.
(٣) في الحيوان (٤: ٤٧٦): «أحد بنى مخزوم، من بنى قطيعة بن عبس، ولم يكن في بنى إسماعيل بنى قبله، وهو الذي أطفأ اللّه به نار الحرتين». وانظر بقية خبره في الحيوان وحواشيه ومروج الذهب (١: ٦٧).
(٤) سماه في مروج الذهب «أسعد أبو كرب». وفي التيجان ٢٩٤ أنه تبان أسعد أبو كرب. ومثله في السيرة ١٢. وفي العمدة (٢: ١٧٦) «تبع بن كليكرب، وهو أبو كرب تبع الأوسط».

<<  <  ج: ص:  >  >>