للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكدر والصافي (١). ومنهم من قال إن العناصر أربعة هي بسائط للمركبات، فقضوا بائتلاف المتضادات، وتركيب المتحادات (٢).

فإن قيل: كيف صارت متظافرة، وهي متنافرة، [وغدت متجاورة، وهي متغاورة، وإذا كانت تتهارج، كيف تتمازج (٣)]، أم كيف يمتزج الصاعد بالراكد، ويلتبس الحار بالبارد؟ قالوا: جمعها جامع، وقمعها قامع، بطبعه لا باختياره، وفعله لا باقتداره، وهذا غاية المحال، ونهاية الاختلال، لأنّه لا بدّ أن يكون الخامس مثلها أو مثل بعضها، أو مخالفاً لكلها، فإن كان مثلها أو مثل بعضها فلا حاجة بها إليه مع وجود مثله، وإن كان مخالفاً لسائرها فلا بد من سادس لتغايرها، ثم كذلك إلى غير غاية.

قال صاحب الكتاب (٤): وبين أبو الطيب بطلان كلامهم (٥) في احتجاج طويل، تركته تخفيفاً للتثقيل (٦). ثم قال:

وأما أصحاب الطوالع، وعباد المطالع، فاختلفوا في الهيئة أيضاً على جهات، ووصفوها بصفات، لا سيما المنجمين، وهم فنون، في الجنون، يقولون فلك الأفلاك، ودرك الأدراك، والفلك الأثير، وهذيان كثير، وعبدوا الشمس وسجدوا للنار والكواكب وهم يرون آثار النقص فيها، ودلائل الحدث تعتريها، من طلوع وأفول، ويزعمون أنّها تتغاير وتتمانع، وتتكاسف


(١) بعده في الذخيرة: «ذهب بقوله أبو الطيب:
تبخل أيدينا بأرواحنا … على زمان هن من كسبه
فهذه الأرواح من جنده … وهذه الأجسام من تربه».
(٢) التحاد: التخالف والتنازع.
(٣) التكملة من الذخيرة، وقد بيض لها في الأصل. وفي نسخة الذخيرة: «متعاورة» وإنما هي «متغاورة» أي متعادية يغير بعضها على بعض.
(٤) هو ابن بسام صاحب كتاب الذخيرة. انظر التقديم ص ٢٣١.
(٥) الذخيرة: «قولهم».
(٦) في الذخيرة: «أضربنا عنه تركا وتخفيفا للتطويل».

<<  <  ج: ص:  >  >>