للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعرض إن شئت ألحانهم المطبوعة، على أوزانكم المصنوعة، فاظهر غلطهم في التنغم، وخطأهم في الترنم.

على أنه من العلم المذموم؛ روى في الحديث: «إن أول من غنّى وناح إبليس حين أكل آدم من الشجرة». قيل: وهو أول من عمل الطنبور، فلا مرحباً بعلم إبليس اللعين فيه الأستاذ.

وقد كان منهم من إذا غنى ثنت الوحش أجيادها، وفارقت اعتيادها، وعطفت خدودها، وتركت شرودها، مصغية إليه، مقبلة عليه، فإذا قطع عاودت نفارها، وطلبت أوكارها. هذا فعل الأوابد، والوحوش الشوارد، فما ظنك بالقلوب الرقيقة، والفطن الرشيقة. ولقد ألف الإسلاميون في الأغاني، وما يتصل بها من المعاني، ما إن نظرت بميزٍ وحكمت بعدل، وقفت (١) على الفضل، في هذا الفصل، ولم تحوجك العصبية، والنفس الغضبية، إلى شهادة الزور، والجور المأزور.

وأما الأنوطيقي واللوطيقي (٢) فهناك جاءت الأحموقي، والأخروقي، وظهر عجز القوم وبان أنهم أغمار، ليس فيهم إلا حمار (٣)، وضل سعيهم في الحياة الدنيا لما وصلوا إلى حيث تنفرد العقول (٤) بنظرها، والبصائر بفكرها، فمنهم الدهرية أنكروا العقول، والعلم المنقول، والدليل والمدلول، وهم يبصرون تعاقب الأضداد وتعاور الكون والفساد، ومنهم الطبيعيون وهم أيدي سبا (٥)، وفرق شتى، قوم يقولون: العالم من أصلين: هوائي وأرضي، فجمعوا بين الرّاسب والطافي،


(١) في الأصل: «ووقفت»، صوابه في الذخيرة.
(٢) في الذخيرة: «الأنلوطيقى والطوميقا». وانظر ما سبق في ص ٢٥١.
(٣) الذخيرة: «أنهم أعجاز، ليس فيهم إلا جماز».
(٤) الكلام بعده إلى «العقول» التالية ساقط من الذخيرة.
(٥) الذخيرة: «أيادي سبا».

<<  <  ج: ص:  >  >>