للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزوات، كالذي كان في غزوة بنى المصطلق - وهم عرب من خزاعة - يروى ابن هشام (١) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب منهم سبيا كثيرا فشا قسمه بين المسلمين، وأن جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار زوج رسول اللّه كانت فيمن قد سبى، ووقعت في القسمة في سهم ثابت بن قيس بن الشماس أو ابن عم له، فكاتبها على نفسها، فأتت رسول اللّه تستعينه في ذلك فقال لها: هل لك في خير من ذلك؟

أقضى عنك كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول اللّه. وخرج الخبر إلى الناس أن رسول اللّه قد تزوج جويرية. فقال الناس: أصهار رسول اللّه! وأرسلوا ما بأيديهم. قالت عائشة: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بنى المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.

ولكن ذلك لم يدم طويلا، إذ حتم الإسلام فيما بعد ألا يقبل من عربى إلا إحدى اثنتين: إما الإسلام وإما القتل (٢).

وبذلك اقتصر أمر الرقيق في الإسلام على وقوع الكفار من غير العرب أسرى في أيدي المسلمين عند الحرب، أو عند سقوط بلادهم المفتوحة عنوة في أيدي المسلمين فيجوز للإمام أن يسترقهم، ويجوز له أن يضع الجزية على رؤوسهم (٣)، يختار من ذلك ما يراه في مصلحة المسلمين.

وهذا الرقيق يعد في جملة المغانم الحربية، شأنه شأنها، ينقلها الإمام إلى دار الإسلام ويقسمها أخماسا، فخمس للفقراء والمساكين وسائر وجوه البر، وسائر الأخماس تقسم على المقاتلة، للفارس سهمان أو ثلاثة - على خلاف بين الفقهاء (٤) - وللراجل سهم واحد.

وبانتشار الفتوح الإسلامية كثر الرقيق المجتلب من البلاد المفتوحة كثرة ظاهرة، وصار من الميسور أن تجد الرقيق في كل بيت، حتى كان الزبير بن العوام


(١) السيرة ٧٢٩ جوتنجن.
(٢) جاء في حاشية ابن عابدين ٣: ٣١٦: الطبعة الأولى «إلا مشركي العرب والمرتدين فإنهم لا يسترقون، ولا يكونون ذمة لنا، بل إما الإسلام أو السيف».
(٣) فتح القدير ٤: ٣٠٥ - ٣٠٦ والدر المختار بهامش ابن عابدين ٣: ٤١٦ الطبعة الأولى.
(٤) فتح القدير ٤: ٣٢٠ الطبعة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>