للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول المسلمين طراً … تبغون في طبنا (١) اشتهاراً

هيهات حاولتم محالا … كونوا إذا هوداً أو نصارى

(٢) وأشبه من رأيته منهم وأدخله في عداد الأطباء، رجل من اليهود يدعى أبا الخير سلامة بن رحمون، فإنّه لقى أبا الوفاء (٣) المبشر بن فاتك (٤)، فأخذ عنه شيئاً من صناعة المنطق تخصص به وتميز عن أضرابه، وأدرك أبا كثير بن الزفان (٥) تلميذ أبي الحسن علي بن رضوان (٦)، وقرأ عليه بعض كتب جالينوس، ثم نصب نفسه لتدريس جميع كتب المنطق، وجميع كتب الفلسفة الطبيعية والإلهية، وشرح بزعمه وفسر ولخص، ولم يكن بذاك (٧) في تحصيله وتحقيقه، واستقصائه عن لطيف العلم ودقيقه، بل كان يكثر (٨) كلامه فيضل، ويسرع جوابه فيزل. ولقد سألته في أول لقائي واجتماعي به، عن مسائل استفتحت مباحثته (٩) بها مما يمكن أن يفهمها من لم يمتد بعد في العلم باعه، ولم يكثر تبحره واتساعه، فأجاب عنها بما أبان عن تقصيره ونطق بعجزه، وأعرب عن سوء


(١) في الأصل: «طبها».
(٢) النص التالي نقله القفطي في إخبار العلماء (١٤٢ - ١٤٣)، وكذلك ابن أبي أصيبعة (٢: ١٠٦).
(٣) بعد هذه تبتدئ القطعة المحفوظة بدار الكتب رقم ٣٥٤ تاريخ من الرسالة المصرية وسأشير إليها في التعليقات برمز «ق».
(٤) ترجم له القفطي (١٧٦ - ١٧٧) وقال: «هذا رجل أصله من دمشق وموطنه مصر، وهو من الحكماء الأماثل في علم الأوائل … وكانت له ابنة عمرت بعده وروت بالإسكندرية أحاديث نبوية. وكان في آخر المائة الخامسة للهجرة».
(٥) عند القفطي: «الكثير البرقاني»، تحريف. وأبو كثير كنية له واسمه أفرائيم ابن الزفان، قال ابن أبي أصيبعة في (٢: ١٠٥): «إسرائيلي المذهب، وهو من الأطباء المشهورين بديار مصر». وقد اشترى منه الأفضل بن أمير الجيوش عشرة آلاف مجلد من كتبه، كان قد ساوم عليها بعض العراقيين.
(٦) انظر ترجمته عند ابن أبي أصيبعة (٢: ٩٩).
(٧) ق وابن أبي أصيبعة: «ولم يكن هناك». وعند القفطي: «ولم يكن هنالك».
(٨) في الأصل: «تراه يكثر»، وأثبت ما في سائر المصادر.
(٩) في الأصل: «استقبحت مباحثه بها»، صوابه في سائر المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>