للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصوره وفهمه. وكان مثله في عظم دعاويه، وقصوره عن أيسر ما هو متعاطيه (١) كقول الشاعر:

يشمر للج عن ساقه … ويغمره الموج في الساحل

أو كما قال آخر:

تمنيتم مائتي فارس … فردكم فارس واحد (٢)

وكان (٣) بمصر طبيب من أهل أنطاكية يسمى «جرجس»، ويلقب بالفيلسوف، على نحو ما قيل في الغراب: أبو البيضاء، وفي اللديغ: سليم، وقد تفرغ للتولع [بأبي الخير سلامة بن رحمون اليهودي الطبيب المصري (٤)] والإزراء عليه، وكان يزور فصولا طبية وفلسفية يبرزها في معارض ألفاظ القوم، وهي محال لا معنى لها، وفارغة لا فائدة فيها، ثم ينفذها (٥) إلى من يسأله عن معانيها، ويستوضحه أغراضها، فيتكلم عليها ويشرحها بزعمه دون تيقظ (٦) و [لا (٧)] تحفظ، بل باسترسال واستعجال، وقلة اكتراث وسوء اهتبال، فيؤخذ منه (٨) ما يضحك منه ويشرح الصّدر.

[وأنشدت (٩)] لجرجس هذا فيه، وهو من أحسن ما سمعته في هجو طبيب مشئوم (١٠)، وأنا متّهم له فيه:


(١) في الأصل: «نشر ما هو متعاطيه»، صوابه في سائر المصادر.
(٢) إلى هنا ينتهى نقل القفطي في ١٤٢ - ١٤٣. وانظر البيان (١: ٢٤٩).
(٣) النص التالي نقله القفطي في ١٠٩ وابن أبي أصيبعة في (٢: ١٠٦ - ١٠٧).
(٤) التكملة من القفطي، وبدلها عند ابن أبي أصيبعة: «بابن رحمون».
(٥) ق فقط: «ثم ينفذ بها».
(٦) ق فقط: «تيقن».
(٧) هذه من القفطي وابن أبي أصيبعة.
(٨) القفطي وابن أبي أصيبعة: «فيوجد فيها عنه».
(٩) هذه من ق والقفطي وابن أبي أصيبعة.
(١٠) كلمة «مشئوم» وما بعدها ساقط من ق. وفي نسخة الأصل: «ومن أحسن ما قيل في ذم الطبيب الجاهل».

<<  <  ج: ص:  >  >>