للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثالث): في الطيب من الطبيخ واللذيذ من الغناء. اختلف الناس في ذلك ثم اتفقوا على أن هذا أمر يقال بالقياس إلى السمع والذوق، وكلما كانت هاتان الحاستان سليمتين في جوهرهما، معتدلتين في مزاجهما ذكيتين في حسهما كان ما يدركانه لذيذاً في نفسه وعندهما (١)، ومتى خرجت عن طباعها - وهذا بلا نهاية عندنا - كان اللذيذ بقياسنا لا في نفسه. ولهذا بعض الناس يستفره نقرة فيقول:

الغناء ما أطرب. وآخر لاهٍ عن تلك النقرة، وواحد يشتهي لوناً، وآخر عنده ذلك اللون غير شهي.

ومن ذلك اعتبارات الصنائع على اختلافها في العبيد والإماء، أربعة ٣٥ فصول، منها.

الطباخات: عمدة الطبيخ على طيب المرق وجودة المزاج، فإن اتفق للطباخة مع هذا جودة الصنعة وسرعة العمل فذاك غاية الأمل. وقل ما يتفق أن تكون كاملة في البوارد (٢) والشواء والطبيخ والحلواء على أصنافها الثلاثة، فهذا مما يعجز عنه قدر النساء. والذي يمتحنون (٣) به الإسفيدباج (٤)، والدّيكبراكة (٥)


(١) في الأصل: «سليمة في جوهرهما معتدلة في مزاجهما ذكية في حسهما كان ما يدركه لذيذا في نفسه وعندها».
(٢) في حواشي كتاب الطبيخ لمحمد بن الحسن البغدادي بتحقيق الدكتور داود الجلبي ص ٥٦: «هي البقول المطبوخة الموضوعة في الأشياء الحامضة كالخل وماء الحصرم والسماق وماء التفاح والريباس والماست. كتاب الأغذية والأشربة من الخمسة النجيبية، لنجيب الدين السمرقندي».
(٣) في الأصل: «يمتحنوا».
(٤) ضرب من الطعام يصنع من اللحم والبصل والحمص والأبازير. انظر صنعته في كتاب الطبيخ للبغدادي ٢٣. ويقال له أيضا «إسفيدبا» كما في معجم استينجاس ٥٨. ومعنى كلمة «إسفيد» في الفارسية الأبيض، واللامع.
(٥) جاءت في كتاب الطبيخ ١٢: «ديكبريكة». ووجد الدكتور داود جلبي ضبطها في أصل نسخته بفتح الكاف الأولى وسكون الباء وكسر الراء، قال: «وأظنها من الآرامية:
«ديكابريكا»، ومعناها الديك المبارك». وصنعة هذا اللون قريبة من صنعة سابقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>