للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تخت الحساب (١)، وجعلت أتكلم على بيتٍ بيت منها على العادة، وأنا في خلال ذلك أتحسس أمرها (٢) وهي ساكتة لا تنبس، فوجمت لذلك وأدركتني فترة عظيمة، وألقت إلى درهما (٣). قال: فعاودت الكلام وقلت: أرى عليك قطعاً في بيت مالك (٤) فاحتفظي واحترزي! فقالت: الآن أصبت وصدقت، قد كان والله ما ذكرت. قلت: وهل ضاع لك شيء؟ قالت: نعم، الدرهم الذي ألقيته إليك! وتركتني وانصرفت.

والمصريون أكثر الناس استعمالاً لأحكام النجوم وتصديقاً لها وتعويلاً عليها، وشغفاً بها وسكوناً إليها، حتى إنه قد بلغ من زيادة أمرهم في ذلك إلى أن لا يتحرك واحدٌ منهم حركةً من الحركات الجزئية التي لا تُحصر فنونها ولا تحصل أجزاؤها وأنحاؤها، ولا تضبط جهاتها، ولا تقيّد غاياتها (٥)، ولا تعد ضروبها إلا في طوالع يختارونها، [ونصب يعتمدونها (٦)].

ولقد شهدت يوماً رجلاً من الوقّادين في أتون الحمام (٧)، يسأل رزق الله المذكور عن ساعة حميدة لقص أظفاره، فتعجبت من سمو همته على خساسة قدره (٨) ووضاعة مهنته.

ومن الحكايات العجيبة في فرط استعمالهم لأحكام النجوم وعنايتهم بها،


(١) هذا ما في ق، وفي الأصل: «في التخت».
(٢) ق: «أتحسس لها».
(٣) القفطي: «وكانت قد ألقت إلى درهما».
(٤) هذا ما في ق والقفطي، وفي الأصل: «ضياع بيت مالك».
(٥) ق: «ولا تقدر أساليبها».
(٦) هذه من ق.
(٧) ق: «أتون حمام».
(٨) ق: «مع خساسة قدره».

<<  <  ج: ص:  >  >>