للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يناسبه في حالتي مدحه وذمه، ووضع كل شيء في مكانه في نثره ونظمه (١).

فأين هذا الشاعر في أدبه وحذقه بالصناعة (٢) وفطنته، من أبي علي الحسن ابن رشيق، وقد أمره المعز بن باديس أن يصف أترجه [مصبّعة (٣)] كانت بين يديه (٤)، فقال مرتجلاً على البديهة:

أترجّة سبطة الأطراف ناعمة … تلقى العيونَ بحسنٍ غير مبخوسِ (٥)

كأنها بسطت كفا لخالقها … تدعو بطول بقاء لابن باديس

ولو أن ابن الرومي قصد مدح الورد بقوله:

يا مادحَ الورد ما ينفك من غلطه (٦) … أما تأملته في كفِّ ملتقطه

كأنه سرم بغلٍ حين يبرزه … عند الخراء وباقي الروث في وسطه

لكان غالطاً أو جاهلاً أو غافلاً، بل قال ذلك حين قصد ذمه وأراد تخسيسه.

فانظر هذا التشبيه الذي لم يسمع أعجب منه. فلعن اللّه شيطانه (٧)!

وكذلك عبد الله بن المعتز في قوله يصف القمر من أبيات:

وبات كما سَرّ حساده … إذا رام قرباً من النوم شذّ (٨)

تفزّزه سروات البعوضِ … في قمر مثل ظهر الجرذ (٩)

وقول ابن المعتز في القمر من أبيات:

يا سارقَ الأنوارٍ من شمس الضحى … يا مثكلى طيب الكرى ومنغّصى


(١) ق: «من نثره ونظمه».
(٢) ق: «ومعرفته بالصناعة».
(٣) هذه من ق.
(٤) في الأصل: «كانت في يده»، وأثبت ما في ق.
(٥) مبخوس: منقوص. وفي الأصل «منحوس»، صوابه في ق.
(٦) هذا ما في ق. وفي الأصل: «من غلط».
(٧) هذا ما في ق. وفي الأصل: «فلعن اللّه ذلك».
(٨) في ديوان ابن المعتز (٢: ١١٦): «كما سر أعداءه».
(٩) في الأصل: «فمن قمر»، صوابه من الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>