للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فِيهِ شِفَاءٌ} [النحل: ٦٩] . يَرْجِعُ إلَى الِاعْتِبَارِ وَالشِّفَاءُ بِمَعْنَى الْهُدَى قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَعُودُ إلَى الْقُرْآنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْحِجَامَةُ فَفِيهَا أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ يَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ فِي فِعْلِهَا وَفَضْلِهَا وَوَقْتِهَا وَفِيهَا فِعْلًا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلًا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ تُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهَا أَنْفَعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَمَا يَلِيهِ مِنْ الرُّبْعِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْأَخْلَاطَ حِينَئِذٍ تَكُونُ هَائِجَةً بَائِغَةً فِي تَزَيُّدِهَا لِتَزَيُّدِ النُّورِ فِي جِرْمِ الْقَمَرِ، يُقَالُ: تَبَوَّغَ بِهِ الدَّمُ وَتَبَغَ بِهِ أَيْ هَاجَ بِهِ، وَيُقَالُ: أَصْلُهُ يَبْتَغِي مِنْ الْبَغْيِ فَقُلِبَ مِثْلَ جَذَبَ وَجَبَذَ، هَذَا فِيمَا إذَا فُعِلَ احْتِيَاطًا تَحَرُّزًا مِنْ الْأَذَى وَحِفْظًا لِلصِّحَّةِ.

وَفِي هَذَا قَالَ الْأَطِبَّاءُ: يُفْعَلُ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَيَجِبُ تَوْقِيتُهَا بَعْدَ الْحَمَّامِ إلَّا فِيمَنْ دَمُهُ غَلِيظٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِمَّ ثُمَّ يَتَوَقَّفَ سَاعَةً ثُمَّ يَحْتَجِمَ، قَالُوا: وَتُكْرَهُ عَلَى الشِّبَعِ، فَإِنَّهَا رُبَّمَا أَوْرَثَتْ سَدَادًا أَوْ أَمْرَاضًا رَدِيئَةً لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْغِذَاءُ رَدِيئًا غَلِيظًا وَفِي أَثَرٍ: الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ دَوَاءٌ وَعَلَى الشِّبَعِ دَاءٌ، وَفِي سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الشَّهْرِ شِفَاءٌ. فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَتَنْفَعُ كُلَّ وَقْتٍ، وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُهَا.

قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحْتَجِمُ أَيَّ وَقْتٍ هَاجَ بِهِ الدَّمُ وَأَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ كَرَاهَةَ الْحِجَامَةِ فِي القمحدوة بِزِيَادَةِ الْمِيمِ مَا خَلْفَ الْقَفَا وَالْجَمْعُ قَمَاحِدُ، وَلِهَذَا رَخَّصَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَلْقِ الْقَفَا وَقْتَ الْحِجَامَةِ.

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ، فَإِنَّهَا تَشْفِي مِنْ خَمْسَةِ أَدْوَاءٍ» ذَكَرَ مِنْهَا الْجُذَامَ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>