[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ الْقِرَانِ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ وَنَحْوِهِ مَعَ شَرِيكٍ أَوْ مُطْلَقًا]
وَيُكْرَهُ الْقِرَانُ فِي التَّمْرِ وَقِيلَ مَعَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ لَا وَحْدَهُ وَلَا مَعَ أَهْلِهِ وَلَا مَعَ مَنْ أَطْعَمَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَزَادَ وَتَرْكُهُ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ أَوْلَى وَأَفْضَلُ وَأَحْسَنُ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ وَعَنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَالْأَدَبِ.
وَذَكَرَ النَّوَاوِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمْ بِقَوْلٍ أَوْ قَرِينَةٍ يَحْصُلُ بِهَا عِلْمٌ أَوْ ظَنٌّ، وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ وَحْدَهُ فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْآكِلِينَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ ضَيَّفَهُمْ بِهِ فَحَسَنٌ أَلَّا يَقْرِنَ لِيُسَاوِيَهُمْ إنْ كَانَ الطَّعَامُ فِيهِ قِلَّةٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَفْضُلُ عَنْهُمْ فَلَا بَأْسَ لَكِنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقًا لِلتَّأَدُّبِ وَتَرْكِ الشَّرَهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْجِلًا وَيُرِيدُ الْإِسْرَاعَ لِشُغْلٍ آخَرَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّمَا كَانَ هَذَا فِي زَمَنِهِمْ حِينَ كَانَ الطَّعَامُ ضَيِّقًا فَأَمَّا الْيَوْمَ مَعَ اتِّسَاعِ الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ، وَالْقِرَانُ فِي غَيْرِ التَّمْرِ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ وَلَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ إلَّا فِي الْفَوَاكِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَلَى قِيَاسِهِ قِرَانُ كُلِّ مَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ إفْرَادًا.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ الْحَنْبَلِيُّ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ هَلْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؟ فَإِنْ قِيلَ النَّهْيُ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ فَالْجَوَابُ إنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: ٢٢] الْآيَةَ.
وَنَهَى عَنْ الْقِرَانِ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ، وَالتَّعْرِيسِ عَلَى الطُّرُقَاتِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي حُسْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute