[فَصْلٌ اسْتِطْبَابِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَائْتِمَانِهِمْ وَنَظَرِ الْأَطِبَّاءِ وَالطَّبِيبَاتِ إلَى الْعَوْرَاتِ]
فَصْلٌ (فِي اسْتِطْبَابِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَائْتِمَانِهِمْ وَنَظَرِ الْأَطِبَّاءِ وَالطَّبِيبَاتِ إلَى الْعَوْرَاتِ)
يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَوَاءً لَمْ يُبَيِّنْ مُفْرَدَاتِهِ الْمُبَاحَةَ وَكَذَا مَا وَصَفَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَوْ عَمَلِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَذَكَرُوا أَلَّا تَطِبَّ ذِمِّيَّةٌ مُسْلِمَةً وَلَا تَقْبَلْهَا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ تَطِبُّهَا أَوْ تَقْبَلْهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ لِلْمُسْلِمَةِ وَإِلَّا جَازَ، وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تَقْبَلْهَا.
وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَطِبَّ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا إذَا لَمْ يَجِدُ غَيْرَهُ عَلَى احْتِمَالٍ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَدْخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَصْرَانِيًّا فَجَعَلَ يَصِفُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَكْتُبُ مَا وَصَفَهُ ثُمَّ أَمَرَنِي فَاشْتَرَيْتُ لَهُ قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الدَّوَاءِ الْمُبَاحِ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلدَّاءِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ فَلَا حَرَجَ فِي تَنَاوُلِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَشَارَ بِالْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ جَالِسًا وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ فَتَعَلَّقَ بِالدِّينِ فَلَا يُقْبَلُ.
قَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ التِّرْمِذِيِّ: يُكْرَهُ شُرْبُ دَوَاءِ الْمُشْرِكِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ لَا أَشْتَرِيَ لَهُ مَا يَصِفُ لَهُ النَّصَارَى وَلَا يَشْرَبُ مِنْ أَدْوِيَتِهِمْ وَلِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطُوا بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ السُّمُومَاتِ وَالنَّجَاسَاتِ فَهَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ اسْتِعْمَالُ دَوَاءِ ذِمِّيٍّ لَمْ تُعْرَفْ مُفْرَدَاتُهُ وَسَبَقَ فِي الرِّعَايَةِ الْكَرَاهَةُ وَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَفِيمَا كَرِهَهُ الْخِلَافَ الْمَشْهُورُ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute