[فَصْلٌ يُكْرَهُ قَوْلُ أَبْقَاكَ اللَّهُ فِي السِّلَامِ]
قَالَ الْخَلَّالُ فِي الْأَدَبِ: كَرَاهِيَةُ قَوْلِهِ فِي السَّلَامِ أَبْقَاك اللَّهُ. أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي إذَا دُعِيَ لَهُ بِالْبَقَاءِ يَكْرَهُهُ وَيَقُولُ هَذَا شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَقَالَ إِسْحَاقُ جِئْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِكِتَابٍ مِنْ خُرَاسَانَ فَإِذَا عِنْوَانُهُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبْقَاهُ اللَّهُ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ أَيْشٍ هَذَا؟ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ.
وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا بِحَدِيثِ «أُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا سَأَلَتْ أَنْ يُمَتِّعَهَا اللَّهُ بِزَوْجِهَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَبِيهَا أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِيهَا مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ حِلِّهِ، وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ حِلِّهِ، وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا لَكِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ «وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ» فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «وَآثَارٍ مَبْلُوغَةٍ» (حِلِّهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا.
وَعَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا «إنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ وَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إلَّا الْبِرُّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ وَكِيعٍ، كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالَقَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إلَّا الْبِرُّ» إسْنَادٌ جَيِّدٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى وَأَبُو مَوْدُودٍ هَذَا اسْمُهُ فِضَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute