[فَصْلٌ فِي فَضْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَفِقْهِهِ وَكَرَاهَةِ طَلَبِ الْغَرِيبِ وَالضَّعِيفِ مِنْهُ]
ُ) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إذَا كَانَ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَيَكُونُ مَعَهُ فِقْهٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حِفْظِ الْحَدِيثِ لَا يَكُونُ مَعَهُ فِقْهٌ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ تَرَكُوا الْعِلْمَ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْغَرَائِبِ، مَا أَقَلَّ الْفِقْهَ فِيهِمْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ أَحَادِيثَ غَرَائِبَ فَقَالَ: شَيْءٌ غَرِيبٌ أَيُّ شَيْءٍ يُرْجَى بِهِ قَالَ: يَطْلُبُ الرَّجُلُ مَا يَزِيدُ فِي أَمْرِ دِينِهِ مَا يَنْفَعُهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: يَطْلُبُونَ حَدِيثًا مِنْ ثَلَاثِينَ وَجْهًا أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً قَالَ: شَيْءٌ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ.
وَنَحْوُ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ أَيْضًا: شَرُّ الْحَدِيثِ الْغَرَائِبُ الَّتِي لَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ قَالَ: إنَّ مِنْ الْحَدِيثِ حَدِيثًا لَهُ ظُلْمَةٌ كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُنْكِرُهُ، وَإِنَّ مِنْ الْحَدِيثِ حَدِيثًا لَهُ ضَوْءٌ كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ: الْعِلْمُ مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْأَلْسُنُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ الظَّاهِرُ الَّذِي قَدْ رَآهُ النَّاسُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَعَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَنَا فِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ شَغْلٌ عَنْ سَقِيمِهِ وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ بِكِتَابَةِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، فَأَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَفُوتَهُ مِنْ الصَّحِيحِ بِقَدْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الِاشْتِغَالُ بِالْأَخْبَارِ الْقَدِيمَةِ يَقْطَعُ عَنْ الْعِلْمِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا طَلَبُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَكْثَرَ أَحَدٌ مِنْ الْحَدِيثِ