[فَصْلٌ فِي سُنَّةِ الْمُصَافَحَةِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَا قِيلَ فِي التَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ]
وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ فِي اللِّقَاءِ لِلْخَبَرِ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادَةَ صَافَحْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَابْتَدَأَنِي بِالْمُصَافَحَةِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ النَّاسَ كَثِيرًا.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَمَدَدْتُ يَدِي إلَيْهِ فَصَافَحَنِي. فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالَ: مَا أَحْسَنَ أَدَبَ هَذَا الْفَتَى لَوْ انْكَبَّ عَلَيْنَا كُنَّا نَحْتَاجُ أَنْ نَقُومَ، وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِيَدَيْهِ.
وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، فَتُصَافِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلُ الرَّجُلَ، وَالْعَجُوزُ وَالْبَرْزَةُ غَيْرُ الشَّابَّةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مُصَافَحَتُهَا لِلرَّجُلِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَكْرَهُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ قَالَ أَكْرَهُهُ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَافِحُ الْمَرْأَةَ قَالَ: لَا وَشَدَّدَ فِيهِ جِدًّا قُلْت: فَيُصَافِحُهَا بِثَوْبِهِ قَالَ: لَا، قَالَ رَجُلٌ: فَإِنْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ قَالَ: لَا قُلْت: ابْنَتُهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ ابْنَتَهُ فَلَا بَأْسَ، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَافَحَةِ وَكَرَاهَتِهَا لِلنِّسَاءِ، وَالتَّحْرِيمُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ وَيَتَوَجَّهُ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا الْوَالِدُ فَيَجُوزُ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اشْتَرَى مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ ابْنُهُ الْبَرَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ الْبَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى فَرَأَيْتُ أَبَاهَا يُقَبِّلُ خَدَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute