[فَصْلٌ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ فِي كِتَابِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ رِضَاهُ]
ُ) قَالَ الْخَلَّالُ كَرَاهِيَةُ النَّظَرِ فِي كِتَابِ الرَّجُلِ إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَسْكَرٍ: كُنْت عِنْد أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَعِنْدَهُ الْهَيْثَمُ بْن خَارِجَةُ فَذَهَبْت أَنْظُرُ فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَكَرِهَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَنْ أَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ، وَاطَّلَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ فِي كِتَابِ أَبِي عَوَانَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِي رَجُلٍ رَهَنَ مُصْحَفًا هَلْ يَقْرَأُ فِيهِ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ مُصْحَفٌ رُهِنَ لَا يَقْرَأُ إلَّا بِإِذْنِهِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ رُهِنَ عِنْدَهُ الْمُصْحَفُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْقِرَاءَةِ فِيهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ قَرَأَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: أَمَّا مَنْعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ مَعَ قَوْلِنَا: إنَّهُ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ إذَا طَلَبَهُ الْغَيْرُ لِلْقِرَاءَةِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجِدُ مُصْحَفًا غَيْرَهُ.
وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ عِنْدَ مَسْأَلَةِ رَهْنِ الْمُصْحَفِ: وَلَا يَقْرَأُ أَحَدٌ فِي الْمُصْحَفِ بِلَا إذْنِ رَبِّهِ، وَقِيلَ: بَلَى إنْ لَمْ يَضُرَّ مَالِيَّتَهُ، وَإِنْ طَلَبَهُ أَحَدٌ لِيَقْرَأَ فِيهِ لَمْ يَجِبْ بَذْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ، وَقِيلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّظَرَ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ لَا يَحْرُمُ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ» قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سِرٌّ وَأَمَانَةٌ يَكْرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كِتَابٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرَهُ وَذَكَرَ كِتَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَقِصَّتَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute