[فَصْلٌ فِي مَرَضِ الْقُلُوبِ وَعِلَاجِهِ]
الْقُلُوبُ تَمْرَضُ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ وَعِلَاجُهَا فِي كُتُبِ الْأَطِبَّاءِ وَتَمْرَضُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالشُّكُوكِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة: ١٠] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [المدثر: ٣١] تَمْرَضُ الْقُلُوبُ بِالشَّهَوَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: ٣٢] .
أَيْ فُجُورٌ وَهُوَ شَهْوَةُ الزِّنَا، وَعِلَاجُ ذَلِكَ اتِّبَاعُ كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّاعَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالْبَاطِنَةِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالْبَاطِنَةِ فَالْقُلُوبُ كَثِيرَةُ التَّقَلُّبِ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» .
وَقَالَ «مَا مِنْ قَلْبٍ إلَّا وَهُوَ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ إنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ، وَصَلَاحُ الْقُلُوبِ رَأْسُ كُلِّ خَيْرٍ، وَفَسَادُهَا رَأْسُ كُلِّ شَرٍّ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ فَسَادَ قُلُوبِنَا وَقُلُوبِ إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ مِنْ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشِّفَاءِ مَا لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَقْوَى بِذَلِكَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّفْسَ مَتَى قَوِيَتْ وَقَوِيَتْ الطَّبِيعَةُ تَعَاوَنَا عَلَى فِعْلِ الدَّاءِ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ زَوَالَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَمِثْلُ هَذَا مَعْلُومٌ مُجَرَّبٌ مَشْهُورٌ، وَلَا يُنْكِرهُ إلَّا جَاهِلٌ أَوْ بَعِيدٌ عَنْ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute