[فَصْلٌ كَرَاهَةِ تَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ وَمَا تَبْعُدُ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ]
فَصْلٌ وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ أَوْ وَتَرٍ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ وَالْجِمَالِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَنَحْوِهَا لِلْخَبَرِ وَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ مَرْفُوعًا «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ» . وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا «الْجَرَسُ مِنْ مَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ الْقَاضِي: وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ اتِّخَاذُ الْأَجْرَاسِ فِي الرَّكْبِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَوْتَارِ فِي أَعْنَاقِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْأَجْرَاسِ فِي الرَّكْبِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَوْتَارِ فِي أَعْنَاقِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْأَجْرَاسِ فِي مَرْكَبٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَوْتَارِ فِي أَعْنَاقِ الْخَيْلِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ رَسُولًا لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إلَّا قُطِعَتْ» .
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «قَلِّدُوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ» أَيْ قَلِّدُوهَا طَلَبَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَالدِّفَاعَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا طَلَبَ أَوْتَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَدُخُولَهَا الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ، وَالْأَوْتَارُ جَمْعُ وِتْرٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الدَّمُ وَطَلَبُ الثَّأْرِ، يُرِيدُ اجْعَلُوا ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا فِي أَعْنَاقِهَا لُزُومَ الْقَلَائِدِ لِلْأَعْنَاقِ.
وَقِيلَ أَرَادَ بِالْأَوْتَارِ جَمْعَ وَتَرٍ وَتَرَ الْقَوْسِ أَيْ لَا تَجْعَلُوا فِي أَعْنَاقِهَا الْأَوْتَارَ فَتَخْتَنِقَ؛ لِأَنَّ الْخَيْلَ رُبَّمَا رَعَتْ الْأَشْجَارَ فَنَشِبَتْ الْأَوْتَارُ بِبَعْضِ شُعَبِهَا فَخَنَقَتْهَا، وَقِيلَ إنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَقْلِيدَ الْخَيْلِ بِالْأَوْتَارِ يَدْفَعُ عَنْهَا الْعَيْنَ، وَالْأَذَى فَيَكُونُ كَالْعُوذَةِ لَهَا فَنَهَاهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَا تَدْفَعُ ضَرَرًا انْتَهَى كَلَامُهُ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ الْأَوَّلَ قَوْلًا، وَالثَّانِي احْتِمَالًا وَقَالَ أَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَطْعِ قَلَائِدِ الْخَيْلِ قَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْعَيْنِ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا أَمَرَ بِقَطْعِهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَ فِي الْقَلَائِدِ الْأَجْرَاسَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ ثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute